ليست بالشعارات وحدها تتحقق السعادة، هذا ما أكدته وتؤكده دولة الإمارات العربية المتحدة على الدوام، في قدرتها على بث روح السعادة بين مواطنيها والمقيمين على أرضها أو الزائرين لها، وهو نهج وأسلوب حياة، حرصت الدولة على تأصيله من دون تراخٍ أو استهانة، فسعادة الناس تعني رضاهم عن حياتهم، وتعني أنهم ينعَمون بالرفاه والخير والاستقرار، وتعني كذلك انخراطهم في كل ما يدعم قيم الولاء والانتماء لتراب الدولة الطاهر، ولقيادتها الحكيمة التي لم تبخل يوماً على ساكنيها، فعملت على تمكينهم وتسهيل حياتهم في شتى المجالات والحقول.
تقارير دولية عدّة تشير باستمرار إلى مكانة الدولة في مؤشرات السعادة، فمؤخراً حلّت دولة الإمارات في المركز الأول شرق أوسطياً والـ18 عالمياً في قائمة مجلة «سي أي أو وورلد» لأسعد شعوب العالم، حيث ضمّت القائمة أكثر من 150 دولة، تفوقت فيها دولة الإمارات على دول مثل: الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وماليزيا وإسبانيا وإيطاليا.. في مجموعة مؤشرات رئيسية، أبرزها: الأمن الغذائي، والدخل، ومعدل الفقر، ومستويات الرضا، والصحة، ومتوسط العمر، وكلفة المعيشة، وساعات العمل الأسبوعية، والدعم الحكومي، وغيرها، وكلها تؤكد مقدار حرص دولة الإمارات على توفير السعادة والرفاه للإنسان فيها، فمثلاً تم تعيين وزير دولة للسعادة، واعتماد البرنامج الوطني للسعادة والإيجابية، الذي يهدف إلى تعزيز أنماط الحياة الإيجابية، ومساعدة الجهات الحكومية وأصحاب المصالح على استكشاف وتبني البيئة المناسبة لموظفيهم، عبر تهيئة الظروف الملائمة لهم.
إن حرص دولة الإمارات على جعل السعادة هدفاً أصيلاً من أهدافها الحيوية، ينبثق من مجموعة من الأسباب، أهمها الحفاظ على دفع قاطنيها إلى تحقيق غاياتهم وطموحاتهم، فيواصلون العمل بعزيمة ومن دون كلل أو ملل، بصورة تسهم في تعزيز إنتاجيتهم، وتأثيرهم في محيطهم بشكل فاعل وإيجابي، مقدّرين في قرارة أنفسهم قيمة حياتهم في الدولة، ومعنى أن تكون لهم آمال وأحلام يتمكنون من تحقيقها بعزم وإرادة وإيمان مطلق، فالأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021، التي تسعى لتحقيق «مجتمع متلاحم محافظ على هويته»، جعلت الحكومة تضع بين عينيها هدفاً مهماً، يتجسد في تحسين المستوى المعيشي للأفراد في الدولة، وتحقيق الرضا في كل مجالات حياتهم.
كل تلك السياسات والرؤى، وغيرها، مكّنت دولة الإمارات من تبوّؤ المركز الأول عربياً، للسنة الخامسة على التوالي، والمركز الـ21 عالمياً، في التقرير العالمي للسعادة 2019، الصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة، التابعة للأمم المتحدة، حيث حقق مواطنو الدولة درجة عالية في مؤشر تقييم الحياة، أحد أهم مؤشرات التقرير، الذي يتضمن كذلك مؤشرات أخرى، تشمل نصيب الفرد من الدخل القومي، والدعم الاجتماعي، ومتوسط الأعمار، والحرية الاجتماعية، ومعدلات السخاء الاجتماعي.. الأمر الذي يجعلها نموذجاً ملهِماً للعالم في السعادة وجودة الحياة، لإدراكها أن الاهتمام بذلك أمر جوهري في طموحاتها الرامية إلى النجاح والازدهار، إضافة إلى دورها الريادي في قيادة الجهود العالمية التي ترسخ السعادة، وتعمم ثقافتها بين شعوب الأرض كافة.
إن دولة الإمارات التي تستعد في 20 مارس الجاري للاحتفاء بيوم السعادة العالمي، حرصت بكل دأب ونشاط على جعل ثقافة وممارسات السعادة هدفاً مستداماً، فالقيادة الرشيدة أكدت ضرورة تضمين السعادة في صميم السياسات وآليات العمل الحكومية، وعمليات التخطيط الاستراتيجي وتطوير الأداء في شتى القطاعات والأنشطة، بما يرتبط مع رؤيتها المحورية بالنظر إلى الإنسان بوصفه المحرك الأول، والمسهم الأبرز في تقدم الدولة وريادتها ومكانتها التنموية، فعملت لأجل ذلك على وضع معايير ومؤشرات تقيس مستوى سعادة الأفراد، وصياغة مفاهيم جديدة تتعلق بتحسين الأداء الحكومي والخدمات التي تقدمها، من خلال مواكبتها التطورات والتقنيات التكنولوجية التي تم تسخيرها لخدمة الإنسان، وتلبية طموحاته، وإسعاده بشكل مستدام.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.