أُعلِنت الأسبوع الماضي نتائج الانتخابات الأفغانية التي قد أجريت قبل ما يقرب من ستة أشهر. ومع ذلك، بدلاً من أن تجلب الانتخابات بعض الاستقرار السياسي، فإنها تسببت في الواقع في مزيد من عدم اليقين في البلد الذي مزقته الحرب.
وقد أعلِن هذا الأسبوع أن الرئيس الأفغاني الحالي «أشرف غني» هو الفائز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في سبتمبر من العام الماضي. بيد أن شريكه السابق في التحالف «عبد الله عبد الله»، الذي جاء في المركز الثاني، اعترض على النتائج، وأكد أنه سيدير حكومة موازية، مما أثار مخاوف من نشوب صراع مفتوح على السلطة، الأمر الذي قد يقوض السلام في البلد المضطرب. وباعتباره الرئيس التنفيذي، منع عبد الله أيضا مسؤولي الانتخابات من السفر خارج البلاد.
وكان «عبد الله» و«غني» قد أدارا حكومة ائتلافية تحت ضغط الولايات المتحدة لمدة خمس سنوات بعد الانتخابات السابقة. غير أن التحالف عصفت به العديد من النزاعات والخلافات، والتي أدت إلى تعطيل الحكومة في عدد من المناسبات. ولكن هذه المرة، استبعد الزعيمان العمل مرة أخرى. يذكر أن الرئيس أشرف غني حصل على 50.64% من إجمالي الأصوات المؤهلة، بينما حصل عبد الله عبد الله على 39.51% من الأصوات.
وقد شاب هذه الانتخابات، مثل الانتخابات السابقة، اتهامات بالاحتيال والتلاعب والشعور العام بالإحباط من العملية الانتخابية في البلاد. وتم تأخير إعلان النتائج بسبب ادعاءات واسعة النطاق بالتزوير مع إلغاء العديد من الأصوات. هذا إلى جانب ضعف الإقبال على التصويت في جميع أنحاء البلاد، حيث خاف الكثير من الناخبين من الوضع الأمني.
ومع ذلك، فإن القتال السياسي يأتي أيضاً في وقت حاسم تتفاوض فيه الولايات المتحدة على اتفاق سلام مع «طالبان». ويبقى أن نرى كيف يمكن لهذا الاضطراب السياسي أن يؤثر على اتفاق السلام. وكانت الولايات المتحدة و«طالبان»، اللذان يمثلان علامة بارزة في الجهود المبذولة لإنهاء النزاع، قد اتفقتا على هدنة مؤقتة يمكن أن تكون بمثابة مقدمة لعودة القوات الأميركية من أفغانستان. وإذا نجحت، فسيؤدي ذلك إلى مفاوضات بين الفصائل الأفغانية، ووقف إطلاق النار والتزام من جانب «طالبان» بعدم مساعدة الجماعات الإرهابية ووضع جدول زمني لسحب القوات الأميركية.
في الماضي، عانت المفاوضات بين الولايات المتحدة و«طالبان» من نكسات متعددة. في العام الماضي، بدا أن الصفقة كانت وشيكة، لكن اندلاع أعمال عنف جديدة في ذلك الوقت، بما في ذلك مقتل جندي أميركي، أدى إلى إعلان الرئيس الأميركي عن الانسحاب من المحادثات. وقد أدى ذلك أيضا إلى إلغاء حفل توقيع الاتفاق الذي تم التخطيط له عن كثب في الولايات المتحدة.

بدأت المحادثات مع «طالبان» في عام 2018 كجزء من الوعود التي قطعها الرئيس ترامب أثناء الحملة الانتخابية بإعادة القوات الأميركية إلى الوطن. ومن الواضح أن الجانبين يحرزان بعض التقدم في مفاوضاتهما. وعلى الرغم من أن الرئيس أشرف غني أوضح أنه سيعمل على التوصل إلى اتفاق سلام، إلا أن عدم اليقين السياسي أو القتال في الفضاء السياسي بين عبد الله وغني قد يخلق عقبات في طريق السلام. حتى الآن لم تلعب الحكومة المدنية أي دور في المفاوضات، لكنها مع المضي قدماً ستصبح لاعباً مهماً. وإذا تم إبرام اتفاق السلام بنجاح، فإن «طالبان»، لأول مرة، ستجد شرعية سياسية.
وستظهر الحكومة المدنية والقيادة السياسية الحالية في أفغانستان في الصورة عندما تجلس «طالبان» معهم كجزء من المرحلة التالية في محادثات السلام الأفغانية. وبالتالي، يبقى أن نرى كيف يؤثر التنافس بين أشرف غني وعبد الله عبد الله على المحادثات وما إذا كانت سيؤدي إلى عدم استقرار سياسي في البلاد، ويضعف موقف الحكومة المدنية في المحادثات.
ويتعين على أي حكومة مدنية أفغانية جديدة التعامل مع العديد من المشاكل التي تواجه البلاد بما في ذلك البطالة، والاقتصاد الهش وتدهور الوضع الأمني. وفقا لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، وفي 2019 فقط، أدى الصراع إلى مقتل أكثر من 3,400 مدني، وإصابة ما يقرب من 7,000 آخرين. وتعد حركة «طالبان» وتنظيم «داعش»، وغيرهما من الجماعات الإرهابية الأخرى هم المسؤولون عن 49% من الوفيات، بينما كانت القوات الموالية للحكومة، بما في ذلك التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، مسؤولة عن مقتل 43%. لذلك، سيتعين على أي حكومة مدنية جديدة أن تحدد أولا كيفية الحد من القتلى المدنيين في الوقت الذي تحاول فيه تحسين الوضع الأمني العام.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي