لم تتوانَ الإمارات يوماً عن تقديم برنامجها الإغاثي، حتى في أصعب الظروف والمواقف التي تعرضت لها مناطق مختلفة من العالم، وهو ذات الدور الذي تقوم به في اليمن الذي تعرض لحرب طويلة أشعل فتيلها «الحوثيون»، وبالرغم من أن الوجود الإماراتي في اليمن – كجزء من قوات التحالف العربي - كان لردع «الحوثيين» بالدرجة الأولى وغيرها من الجماعات التي استهدفت استقرار اليمن، فإن القوات المسلحة الإماراتية شاركت في عملية إغاثة اليمنيين في معظم المحافظات اليمنية، فشاركت في إنشاء بنية تحتية تمثلت في شق الطرق وبناء المستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه وشبكة الصرف الصحي، ووزعت المساعدات الإنسانية الغذائية منها والعلاجية، إلى جانب مشروعات إنسانية أخرى، فقد كان أبناء الشعب اليمني – وما يزالون – في أمسّ الحاجة إلى تلك المشروعات والأعمال التي تخفف من وطأة الظروف القاهرة التي يعيشونها، وهم الذين تربطنا بهم وشائج القربى وعلاقة التاريخ والمصير المشترك.
إن ما قدمته الإمارات في اليمن من مساعدات إغاثية، جعلها تنال اعترافاً دولياً بأنها أكبر مانح لليمن، حيث تصدرت المركز الأول عالمياً في عام 2019، وذلك وفقاً لتقارير الأمم المتحدة التي تشير بالأرقام إلى أن دولة الإمارات قدمت أكثر من 6 مليارات دولار للشعب اليمني، منذ عام 2015 وحتى اليوم.
وليس وحده التزام دولة الإمارات بالمعاهدات والمواثيق الدولية هو الذي جعلها ويجعلها تقدم المساعدات الإغاثية للدول المحتاجة دائماً، إنما هي سياسة مد يد العون التي تبنتها منذ نصف قرن، فقد أثبتت الإمارات طوال تلك الفترة التزامها بالخط الإنساني الذي جلها دوماً على مقربة دوماً من الجميع.
وبعد خمس سنوات تقريباً من مشاركة القوات الإماراتية المسلحة إلى جانب قوات التحالف العربي في العمليات الرادعة للحوثيين ولغيرهم من الجماعات، التي أرادت الاستئثار بالسلطة في اليمن، احتفلنا بقواتنا وبالتزامهم بمساندة محافظات اليمن إنسانياً وإغاثياً، كان برنامج استقبال حافلاً ومهيباً. ومثلما فرح أهل الإمارات بعودة أبنائهم من عناصر القوات المسلحة، كذلك فرح أبناؤنا المقاتلون بعودتهم إلى أهلهم وديارهم، وكلهم إيمان بأن يكونوا دوماً خير حماة ومدافعين عن الإمارات وأمنها.
بعد الإعلان عن عودة القوات الإماراتية التي شاركت ضمن قوات التحالف العربي في اليمن ووصولهم إلى أرض الوطن، انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي المحلية والعربية خصوصاً بالخبر الذي أثلج صدورنا، وقد جاء في تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «تحية لأبناء الوطن العائدين من أرض اليمن، شاركوا إخوانهم في قوات التحالف لإعادة الأمل، وترسيخ أمن المنطقة»، كما حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على الترحيب بالجنود الإماراتيين بقوله: «تحية إعزاز وفخر نوجهها لجنودنا وأبناء وطننا، ونحن نحتفي بمشاركتهم في المهمة الوطنية والإنسانية ضمن التحالف العربي في اليمن»، واصفاً هؤلاء الجنود بأنهم «صقور مخلصون»، وعلى إثر ذلك تناقل المغردون وسم (#الصقور المخلصين) الذي تصدر قائمة أكثر الوسوم انتشاراً في مواقع التواصل الاجتماعي
لقد أسهمت قوات الإمارات قبل مغادرتها اليمن في تدريب وتأهيل القوات اليمنية لمواجهة أية تحديات مستقبلية في وطنهم، وليس سراً أن القوات الإماراتية عملت على تدريب وتمكين عشرات الآلاف من اليمنيين ليقوموا بواجبهم في حماية المؤسسات اليمنية، وذلك في إطار استراتيجية (الاقتراب غير المباشر) التي تحدث عنها الفريق الركن عيسى المزروعي- قائد العمليات المشتركة في اليمن في قوله: «بعد خمس سنوات من انطلاق عاصفة الحزم تم التحول من استراتيجية الاقتراب المباشر التي نفذتها القوات المسلحة باحترافٍ عالٍ إلى استراتيجية الاقتراب غير المباشر التي تنفذها القوات اليمنية بنفسها اليوم، والتي تم تشكيلها وتدريبها وتجهيزها والتي يجب عليها اليوم استكمال تحرير الأراضي اليمنية غير المحررة».
ولإتمام المهمة، تم تأسيس قوات عسكرية قوامها 200 ألف يمني سيتم الاعتماد عليهم في العمليات العسكرية، وقد أشار قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عيسى المزروعي إلى أن دور القوات الإماراتية لم يقتصر على المحور القتالي، إنما عملت - وما تزال - في عملية إعادة الأمل لأهل اليمن، حيث قدمت مساعدات طبية عاجلة، وعملت على برامج الوقاية والحد من انتشار الأمراض والأوبئة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، كما ساهمت في إعادة تأهيل 12 مستشفى لخدمة المحتاجين للعلاج، بالإضافة إلى حملات التطعيم ضد الأمراض السارية، كما أشرفت فرق الإغاثة وإعادة البناء على توزيع المعونات على اليمنيين بشكل مباشر، أو عن طريق المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال.
إن رحلة إعادة الأمل طويلة، وهي عملية شاقة بالطبع، لكنها في النهاية تسهم كثيراً في توفير سبل الحياة للشعب اليمني الشقيق.