زار رئيس الوزراء السريلانكي المعين حديثاً «ماهيندا راجاباكسا» الهند هذا الأسبوع. وكان «ماهيندا» رئيساً لسريلانكا لقرابة عقد من الزمن من 2005 إلى 2015. والرئيس الحالي السريلانكا غوتابايا راجاباكسا هو شقيقه الذين عينه رئيساً للوزراء عقب تقلده رئاسة البلاد. وينسب للأخوين الفضل في إنهاء الحرب الأهلية في سريلانكا ضد نمور التاميل في 2009 وسط انتقادات بسبب انتهاكات لحقوق الإنسان.
العام الماضي، كان «غوتابايا» قد زار الهند في أول زيارة له إلى الخارج، زيارة كانت مهمة ومثمرة. فقد أعلن رئيس الوزراء الهندي «ناريندرا مودي»، آنذاك، عن تخصيص خط ائتماني بقيمة 450 مليون دولار لسريلانكا، مشدداً على ضرورة أن يظل البلدان «منتبهين إلى أمن وحساسيات بعضهما البعض»، وسط تنامي نفوذ قوى دولية في سريلانكا.
رئيس الوزراء السريلانكي كان في حملة تودد في الهند، حيث قال في مقابلة معه إنه إذا كانت بلدان أخرى «أصدقاء» للدولة «الجزيرة»، فإن الهند لديها علاقة أكبر. كما شكر ناريندرا مودي على زيارته لسريلانكا عقب هجمات عيد الفصح الإرهابية المنسقة التي قتل فيها أكثر من 250 شخصاً. هجمات اتهم بارتكابها تنظيم «داعش». غير أنه في الوقت نفسه، أثارت الهند أيضاً موضوعاً مهماً مع سريلانكا ويتعلق بالمصالحة مع التاميل. فالهند تظل «واثقة» من أن الحكومة السريلانكية «ستحقق تطلعات شعب التاميل إلى المساواة والعدالة والسلام والاحترام داخل سريلانكا موحدة»، وحثت القيادة السريلانكية على الدفع بعملية المصالحة مع تطبيق «التعديل الثالث عشر» للدستور السريلانكي.
وفي الأثناء، ناقش البلدان أيضا تعزيز التعاون الأمني وتقاسم المعلومات الاستخباراتية. وبشكل خاص، قرر الجانبان تعميق التعاون في مجال مكافحة الإرهاب إضافة إلى تقوية العلاقات في التجارة والاستثمار. كما اتفق الجانبان على عقد اجتماع مع القيادة المالديفية في تعاون أمني ثلاثي بين البلدان الثلاثة. وبالتالي، فإنه من الواضح أن زيارة رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا كانت مهمة لكلا الجانبين من أجل تصفية الأجواء، وإزالة بعض مشاعر الارتياب التي تسربت إلى العلاقات بين البلدين.
وإلى ذلك، أكد الجانب الهندي أن أمن سريلانكا واستقرارها في مصلحة الهند، وأن هذه الأخيرة ستواصل مساعدة سريلانكا في سعيها نحو السلام والتنمية.
زيارتا الأخوين راجاباكسا المتتاليتان تُظهران أن كليهما حريص على نسج علاقات أوثق مع الهند. ورغم أن الهند لا تستطيع تقليص اعتمادها على الصين في هذا الظرف، إلا أن ثمة بكل وضوح محاولة من الشقيقين لتنويع علاقات بلدهما مع بلدان أخرى وتوطيد العلاقات مع الحلفاء التقليدين مثل الهند. فقد طلب الرئيس السريلانكي من بلدان مثل اليابان وسنغافورة وأستراليا وتكتل «آسيان» المساهمة ومساعدة «الدولة الجزيرة» في إعادة بناء بنيتها التحتية.
وفي يتعلق بالهند، ما زالت هناك بعض بواعث القلق، ولا سيما بخصوص نقل السلطة إلى مناطق التاميل. فنيودلهي حريصة على حدوث هذا النقل في أقرب وقت ممكن، ولكن الأخوين راجاباكسا أشارا إلى أن أولويتهما تظل هي التنمية. غير أن الزيارتين تظلان مهمتين، لأنهما تشددان على أهمية العلاقة بين البلدين.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي