من الواضح أن تطلع الاتحاد الأوروبي لأن يلعب دوراً رائداً في المعركة العالمية ضد أزمة المناخ هو أمر يستحق الثناء. والأفضل من ذلك، أن قادة الكتلة يريدون تضمين الابتكار المالي في خططهم، وإعطاء دولهم الأعضاء (والشركات والصناعة المالية في المنطقة) الدعم في التهافت على تمويل مشروعات البنية التحتية التي قد تنقذ الكوكب حرفياً.
ولكن بغض النظر عن مدى جدارة هذه النوايا بالثناء، ينبغي على مهندسي «الصفقة الخضراء» الأوروبية مقاومة أي إغراء لجعل الحكومات الاحتفاظ بالقروض التي ستحتاج إليها لتمويل تلك المبادرات بعيداً عن سجلاتها.
والخطة الطموحة لجعل الكتلة التي تتكون من 27 دولة عديمة الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2025 ستتكلف مبالغ طائلة من المال، حيث إن الحد من الانبعاثات الناتجة عن السيارات والشاحنات والمصانع، إلى جانب تحسين جودة الهواء وجعل الصناعات الزراعية أكثر ملاءمة للبيئة هي أمور مكلفة.
وعلاوة على ذلك، يتزايد الطلب على الديون المستدامة. فالمستثمرون يطالبون باستثمارات خضراء لإرضاء شهيتهم للاستثمار في الأوراق المالية صديقة البيئة، حيث يطالب العملاء بإدراج المخاوف البيئية والاجتماعية وتلك المتعلقة بالإدارة الرشيدة في بنية المحفظة. وقد كانت فرنسا في طليعة الدول الأوروبية التي تبيع السندات الخضراء (السند الأخضر هو صك استدانة يصدر للحصول على أموال مخصصة لتمويل مشروعات متصلة بالمناخ أو البيئة). وفي العام الماضي، أصبحت هولندا أول دولة حائزة على تصنيف AAA تصدر سندات مخصصة تحديدا لتمويل مشروعات صديقة للبيئة. وتخطط الحكومة الألمانية للقيام بنفس الشيء في النصف الثاني من هذا العام بنية صريحة هي إنشاء «مرجع سائل أخضر لسعر الفائدة في منطقة اليورو».

لذلك، كان «تيري بريتون»، المفوض الأوروبي للسوق الداخلية، محقا في الإشارة الشهر الماضي إلى أن سوق السندات يقدم وسيلة رخيصة لتمويل أهداف الاتحاد الأوروبي، لا سيما مع إعادة البنك المركزي الأوروبي لبرنامج لشراء السندات والوقوف على أهبة الاستعداد ليكون أول مشترٍ. كما أن حثه للناس للتفكير بشكل خلاق هو أيضاً أمر مرحب به، وتشمل أوامره للتحرك في المفوضية وضع استراتيجية صناعية طويلة المدى للكتلة، والتي ستختبر قوة تصوره. لكن اقتراح بريتون بأن يستبعد الاتحاد الأوروبي الديون التي يتم جمعها للمشروعات الخضراء من حسابات العجز هو خطوة أبعد من اللازم.
من السهل أن نلمس جاذبية منح السندات الخضراء إعفاء من الميزانية العمومية للحكومة. وهدف تحديد نسبة الدين إلى الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 60% أو أقل أثبتت أنها مستحيلة بالنسبة لجميع المشتركين باليورو تقريبا والذين من المفترض أن يلتزموا بها. وفقط ألمانيا هي التي تراجعت مؤخرا عن الالتزام بهذا الهدف.
لذا فإن الخداع المحاسبي الذي يحرك الأهداف النقدية لإخفاء تكلفة مكافحة الطوارئ المناخية قد يكون ملائما سياسيا وجذابا ماليا. ولكن هذا لا يجعله يمكن التماس العذر له. تخيل الضجة التي يمكن أن تحدث إذا سُمح للشركات باقتراض أموال لمشاريع خضراء دون حساب ذلك الدين المتزايد في ميزانيتها العمومية. يجب أن تنطبق نفس القيود على الحكومات، وإلا فإن أزمة الديون السيادية في أوروبا يمكن أن تشتعل مرة أخرى مع الانتقام.
وربما يكون تعليق «بريتون» على موقع «يورواكتيف» الإخباري ومفاده أن الاقتراض الأخضر «يمكن إلغاء دمجه» لا يكتسب أي زخم.
بالإضافة إلى التأخر في الحصول على ربح السندات الخضراء الوفير، لا تزال ألمانيا متشككة بشأن توسيع بيان المهمة للاتحاد الأوروبي ووكالاته المختلفة ليشمل إنقاذ الكوكب.

لقد تم اتخاذ خطوات هائلة في السنوات الأخيرة لأخذ مخاطر الاحترار العالمي على محمل الجد، حيث نجح المدافعون عن البيئة في إقناع عقول وقلوب العديد من المتشككين في المناخ من خلال جمع العلوم والبيانات التي تعزز مزاعمهم. وأي محاولة لإخفاء التكلفة الحقيقية لجعل الاقتصاد أخضر ستأتي بنتائج عكسية. ومن الأفضل اللجوء إلى الحجة القائلة بأن مكافحة التغير المناخي هو أمر مكلف ولا تستطيع الأمم تحمله.

*كاتب متخصص في قضايا المناخ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»