على مدار سنوات، أنفق بيل وميليندا جيتس ثروة في محاولة لتشكيل سياسة للتعليم العام، ونجحا في الاستفادة من التمويل العام لدعم مشروعاتهما، لكنهما لا يحصلان على النجاح الأكاديمي الذي كان يأملان فيه. ولم يمنعهما هذا من الاستمرار في تمويل مشاريعهما المفضلة. والآن، في الخطاب السنوي لعام 2020، والصادر عن مؤسسة بيل & ميليندا جيتس، تقول ميليندا إن عدم النجاح ليس سبباً للاستسلام، ثم تضيف: «من المؤكد أننا نفهم سبب تشكيك الكثير من الناس في فكرة قيام المليارديرات الخيرين بتصميم تجديدات الفصول أو وضع سياسة تعليمية. وبصراحة، نحن كذلك، أيضاً. لقد كنت أنا وبيل دائماً واضحين عندما قلنا إن دورنا ليس هو توليد الأفكار بنفسنا، ولكن بالأحرى دعم التجديد الذي يحركه أشخاص أمضوا حياتهم المهنية في التعليم، من معلمين وإداريين وباحثين وقادة مجتمع».
ويبدو أنها تحاول التمييز بين ملياردير «يصمم شخصياً تجديدات الفصول أو يضع سياسة تعليمية»، وبين ملياردير «يغدق المال الكثير على أفكار ومشروعات موجودة ويحب أن يكون لها تأثير في تشكيل سياسة عامة». إن استثمارات الزوجين في المشاريع العامة ضخمة للغاية، لدرجة أن الأموال العامة تتبعها بثبات، وبالتالي فإن مشروعهما المفضل هو ما يتم تنفيذه.
.
في خطابهما لعام 2020، يتناوب الاثنان في الحديث عن عملهما الخيري غير المسبوق في المشاريع الصحية في جميع أنحاء العالم، وفي إصلاح التعليم في الولايات المتحدة. فهما من أكثر محبي الخير كرماً، وينفقان على الصحة العالمية أكثر من بلدان عديدة، وقد أنفقا على إصلاح التعليم في الولايات المتحدة حتى الآن أكثر من أي أثرياء آخرين.
ومع ذلك، وعلى مر السنين، وبينما كانا قد مولا مشاريع تستحق التعب، أثيرت أسئلة عن السلطة التي يتمتعان بها لإملاء السياسة الاجتماعية بسبب استثماراتهما الهائلة، وما إذا كانت أهداف بعض أعمالهما الخيرية هي الأكثر جدارة بالاهتمام.
وفي مجال التعليم، أنفق آل جيتس عدة مليارات من الدولارات على مشروعات مثل المعايير الأساسية المشتركة لتقييم المعلمين من خلال نتائج الاختبارات القياسية، والمدارس الصغيرة.. وفي هذه المشروعات استفادا أيضاً من الأموال العامة لدعم جهودهم. لكن آل جيتس أقروا أن إصلاح المدارس أصعب مما كانوا يعتقدون، ولم تنجح أي من جهودهم كما كانوا يأملون. ويذهب النقاد لأبعد من ذلك، ويتهمونهم بأن بعض مشاريعهم أضرت المدارس العامة، لأنها كانت غير قابلة لتطبيق الإصلاح عليها من البداية، وقد استهلكت موارد كان يمكن إنفاقها بشكل أفضل.
وفي رسالتهما، يناقش آل جيتس صعوبة تنفيذ إصلاح المدارس على نطاق واسع. وقالت ميليندا جيتس: «ورغم ذلك، فإن حقيقة أن إحراز تقدم كان أصعب مما كنا نأمل، ليست سبباً للاستسلام. بل العكس هو الصحيح. فنحن نعتقد أن خطورة عدم القيام بكل ما في وسعنا لمساعدة الطلاب على تحقيق إمكاناتهم الكاملة أكبر بكثير». وهي لا تعترف بالخلافات الكبيرة حول كيفية مساعدة الطلاب على الوصول إلى إمكاناتهم الكاملة، وهي قضية وطنية لعبا فيها دور البطولة لسنوات.
بدأت مؤسسة جيتس أول جهد كبير لإصلاح التعليم منذ عقدين من الزمن، مع ما وصفته باستثمار بقيمة 650 مليون دولار لتقسيم المدارس الثانوية الكبيرة الفاشلة إلى مدارس صغيرة، على أساس نظرية أن المدارس الصغيرة تعمل بشكل أفضل من المدارس الكبيرة. بعض هذه المدارس ينجح وبعضها لا ينجح، لكن بيل جيتس أعلن في عام 2009 أن النظام لم ينجح بالطريقة التي توقعها.
والمشروع الثاني للمؤسسة هو تمويل تطوير وتنفيذ وتعزيز المعايير الأساسية المشتركة، التي كانت مدعومة من قبل إدارة أوباما. وكان جزء من هذا المشروع هو تقييم المعلمين من خلال درجات اختبارات الطلاب، والتي حذّر منها خبراء التقييم مراراً وتكراراً. لكن جيتس وإدارة أوباما استمرا على أي حال. وبحلول عام 2013، أقر بيل جيتس بأن الأمر لم يمض كما كان يتوقع، وخلص تقرير عام 2018 إلى أن مشروع تقييم المعلمين فشل في تحقيق هدفه المتمثل في تحسين تحصيل الطلاب بأي طريقة مهمة.
وفي خطاب 2020، يعترف بيل جيتس بأنه لا توجد حلول إصلاح تعليم واحدة تنجح في كل مدرسة. وقال: «بدلاً من التركيز على الحلول التي تناسب الجميع، تريد مؤسستنا خلق الفرص للمدارس للتعلم من بعضها البعض. فما نجح في نورث-جراند لن ينجح في كل مكان. ولهذا السبب من المهم أن تشارك المدارس الأخرى في الشبكات الأخرى بقصص نجاحها، أيضاً».

فاليري شتراوس
كاتبة أميركية متخصصة في مجال التعليم
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»