قال مستشرفو المستقبل إن حالة من التقلب ستعود هذا العام. وكانوا محقين. وكانوا على حق في توقع أن تتفوق الأسهم الكندية على نظيرتها الأميركية. وما لم يستطيعوا توقعه هو اندلاع أزمة فيروس كورونا الذي أزعج الأسواق العالمية. وفي حين أنه من السابق لأوانه تقييم التأثير الكامل لفيروس كورونا الذي يوصف الآن بأنه حالة طوارئ صحية عالمية، إلا أنه ستكون له تداعيات اقتصادية في كندا.
وتعد الصين ثاني أكبر سوق للمنتجات الكندية، وفقاً لبيانات «بلومبيرج». ففي عام 2018، بلغت قيمة السلع التي اشترتها الصين من كندا 27 مليار دولار كندي (20 مليار دولار). واستوردت كندا بضائع من الصين بقيمة 22 مليار كندي في الـ11 شهراً الأولى من عام 2019، ما يمثل 4% من إجمالي الشحنات القادمة من الخارج. كما تعد الصين أكبر مصدر للسياح الوافدين إلى كندا من منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث بلغ عددهم 737,000 سائح صيني في عام 2018، وفقاً لهيئة السياحة الكندية (ديستينيشن كندا).
وفي 31 يناير الماضي، تم تسجيل ثالث حالة إصابة مؤكدة بفيروس كورونا في «أونتاريو»، ليصل العدد الإجمالي في كندا إلى أربع حالات. وكانت سيدة في العشرينات من عمرها قد وصلت إلى ووهان من تورونتو يوم 23 يناير وتوجهت إلى لندن ومنها إلى أونتاريو، حيث ظهرت عليها أعراض المرض في اليوم التالي. وكان أول اختبار أجري لها سلبياً، لكن الاختبار الثاني أكد إصابتها بالفيروس.
وقد أدت حالة عدم اليقين وشدة ومدة تفشي المرض إلى جعل الاقتصاديين والمحللين يقدمون توقعاتهم. ويعود الكثيرون إلى اندلاع وباء سارس في عام 2003 بحثاً عن مؤشرات حول الكيفية التي يمكن أن تسير بها الأمور، لكن الاقتصاد الصيني الآن أكبر بعشر مرات مقارنة بما كان عليه الحال منذ 17 عاماً. وفي يوم الاثنين الماضي، افتُتح سوق الأسهم الصينية على أكثر موجات البيع وحشية منذ سنوات، مع هبوط آلاف الأسهم بالمعدل اليومي بعد دقائق فقط من التداول.
وقال «ناثان جانزن»، كبير الاقتصاديين في «رويال بنك أوف كندا»، في تقرير، إن الاقتصاد الكندي سيرى الآثار غير المباشرة لهذا الوباء، «لكن التأثير يبدو في الغالب محدوداً بالنسبة لتفشي مرض سارس عام 2003». وأضاف أن معدل السفر بين الصين وكندا سينخفض، على الرغم من أن «المخاطر بالنسبة لإجمالي تدفقات السفر الكندية ستبدو أقل من مخاطر سارس، على الأقل بالنسبة لوقتنا الحالي».
ومنذ أن بدأ الفيروس الجديد يتصدّر عناوين الصحف، ضعف الدولار الكندي مقابل الدولار الأميركي، مع تراجع أسعار النفط، ونشطت السندات وتراجعت سوق الأسهم الكندية (وإن كان ذلك على نطاق أصغر مقابل الولايات المتحدة بفضل أسهم الذهب). ومع تسارع وتيرة موسم جني الأرباح بلا هوادة شمال الحدود، تناقش الشركات الكندية تأثير الفيروس على النتيجة النهائية.
وقال «دون ليندساي»، الرئيس التنفيذي لشركة «تيك ريسورسيز»، إذا اتبع فيروس كورونا نمط وباء سارس، ستكون هناك فترة تتراوح بين شهرين وستة أشهر سيتأثر خلالها الطلب على السلع. وأضاف أنه بمجرد أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ستكون هناك فرصة للشراء.
أما «إيف لافلام»، الرئيس التنفيذي لشركة «ريزوليوت فوريست بروداكتس»، فقال إن تفشي الفيروس «ليس أمراً جيداً بالنسبة للاقتصاد على الإطلاق»، وسينحسر الطلب في الصين إذا استمر التأثير لفترة طويلة.
هذا فيما طلبت شركة «صن لايف فاينانشيال» من الموظفين الذين سافروا إلى البر الرئيس للصين مؤخراً العمل من المنزل لمدة أسبوعين قبل العودة إلى المكاتب، على غرار الخطوات التي اتخذها بنك مونتريال وشركة «مانيولايف فينانشيال».
وأوقفت شركة الطيران الكندية، وهي أكبر شركة طيران في البلاد، جميع الرحلات الجوية المباشرة إلى بكين وشنغهاي حتى 29 فبراير الجاري. وتراجعت أسهم الشركة بنحو 15% منذ أن بلغت ذروتها في وقت سابق من هذا الشهر.
ومن جانبها، قامت شركة «ماجنا الدولية» التي لديها 55 وحدة تصنيع وتجميع في الصين ولديها عُشر قوتها العاملة هناك، بمنع السفر إلى البر الصيني. يمكن لشركة ماجنا أيضاً أن تُمنى بخسائر فادحة، حيث أوقفت شركات صناعة السيارات مثل شركة جنرال موتورز وشركة فورد موتور بعض الإنتاج.
ويذكر أن ثماني شركات على الأقل مدرجة في السوق الكندية، تحصل على 100% من إيراداتها من الصين.
 
ديفيا بالجي ودانييل بوشوف وإيريك هيرتزبيرج وشيلي هاجان*
*صحفيون متخصصون  في الشؤون الاقتصادية
ينشر بترتب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»