في الخامس عشر من ديسمبر 2019، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، عام 2020 عام الاستعداد للخمسين، والاحتفال باليوبيل الذهبي، بمناسبة مرور خمسين عاماً على قيام دولة الإمارات، وهو احتفال سيكون له طابع يختلف عن الاحتفالات التقليدية لأنه سيحتفي بالماضي، ويمجّد الحاضر ويصمم المستقبل عبر التخطيط للخمسين عاماً المقبلة.
ما بين تأسيس الاتحاد عام 1971 والخمسين الجديدة، ثمة ملامح مشتركة عديدة، على رأسها وجود قيادة ذات رؤية مستقبلية، تحب شعبها وتبذل الغالي والنفيس من أجله، ووجود شعب مستعد لأن يشمّر عن سواعده وأن يباشر العمل بلا كلل مستنداً إلى ولاء لا يقبل المساومة.
وفي المعادلة الإماراتية، يكمن المستقبل السعيد الذي سيتحقق حتماً، وسيشكل عام الاستعداد للخمسين منعطفاً نوعياً في مسيرة الوطن المباركة، نكتب فيه فصولاً جديدة في نهضته الاقتصادية والمجتمعية والتنموية المتسارعة، ليكون الأفضل عالمياً خلال خمسين عاماً المقبلة.
إن الربط بين الاحتفاء بالخمسين الماضية والاستعداد للخمسين المقبلة موفق وله معانيه ودلالاته العميقة، فالخمسون التي ستكتمل بعد سنة واحدة أكسبت دولة الإمارات ثقة أبنائها، كيف لا، وقد أصبحوا أسعد شعب عربي، وباتوا في المراكز المتقدمة ضمن الشعوب الأسعد في العالم، كما استطاعت خلالها الدولة أن تحوز إعجاب العالم وتقديره واحترامه، من خلال إنجازات تحدث عنها القاصي والداني، كان ركنها الأساسي قيادة استثمرت في بناء الإنسان وسخرت كل الجهود لتمكينه، وأبناءَ وطن تكاتفوا والتفوا حول قيادتهم وعملوا بجد وعزيمة وتفانٍ في رسم صورة حضارية مشرقة للدولة عالمياً يتفاخر بها كل العرب من المحيط إلى الخليج.
وسيشهد عام 2020 انطلاق أكبر استراتيجية عمل وطنية من نوعها للاستعداد لرحلة تنموية رائدة للسنوات الخمسين المقبلة في القطاعات الحيوية كافة، وستشارك فئات المجتمع الإماراتي كلها، من مواطنين ومقيمين وقطاع عام وخاص، في صياغة الحياة في الدولة للخمسين عاماً المقبلة في مجالات الاقتصاد، والتعليم، والبنية التحتية والتكنولوجيا، والصحة، والإعلام وغيرها.
فدولة الابتكار والتسامح ووطن زايد الخير، تكتب تاريخها المجيد بمداد من ذهب، وهي تؤرخ لمرحلة حفلت بالعطاء والإنجاز على مدار 50 عاماً من عمرها، وتستشرف نصف قرن من المستقبل، وطموحها يبلغ عنان السماء، ويرتكز على بلوغ المراكز المتقدمة بين دول العالم على الصعد الاقتصادية والتنموية والثقافية والبشرية كافة، وهو ما يتطلب من القطاعات والجهات والأفراد كافةً الاستعداد للانخراط الفعلي والفاعل في تنفيذ الاستراتيجية العملاقة، والدخول إلى المرحلة الثانية من عمر دولة الاتحاد، ومواكبة طموحات دولة لا تعرف المستحيل.
ومن دواعي الفخر أن يكون «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» من بين المؤسسات الوطنية الرائدة في استلهام النظرة المستقبلية لقيادتنا الرشيدة، حيث جسّد ذلك في وضع استراتيجيةٍ وأجندةٍ وطنيةٍ واضحة المعالم تقوم على ريادة دولة الإمارات وتتضمن مهمات متعددة تصب في الهدف نفسه، من بينها الاستعداد لتحقيق قفزات جديدة في السعي نحو مستقبل مستدام وآمن لدولة الإمارات العربية المتحدة.
لقد استطاع المركز أن يحقق إنجازات نوعية كبيرة في مختلف الجوانب الإعلامية والبحثية والفكرية والتكنولوجية تضاف إلى سلسلة إنجازاته الضخمة التي حققها منذ تأسيسه عام 1994، وهي إنجازات تقف شاهداً على الجهد الكبير الذي يبذله سعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام المركز، كي يواصل مسيرته الناجحة في مجال البحث العلمي ودعم صنَّاع القرار، وخدمة المجتمع بدولة الإمارات العربية المتحدة.
سيواصل المركز دعم عملية التنمية الشاملة، والمساهمة في تحقيق الأهداف المنبثقة عن استراتيجية العمل الوطنية للاستعداد للسنوات الخمسين المقبلة على المستويات كافة، لأن الإمارات تستحق منا جميعاً أن نتفانى لأجلها، وأن نصِل الليل بالنهار في سبيل نهضتها وعزتها.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.