انتهجت دولة الإمارات العربية المتحدة سياسة وطنية للتعامل مع أصحاب الهمم، بوصفهم يتساوون مع بقية أفراد المجتمع، مانحة إياهم اهتماماً كبيراً بالنظر إلى احتياجاتهم، والتعامل معهم على أنهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، وأنهم قادرون على أن يكونوا شركاء فاعلين وأساسيين في مسيرة وطنهم التنموية، باعتبارهم يملكون معارف ومهارات تمكّنهم من ممارسة هذه الأدوار بكفاءة واقتدار، وذلك بعد ضمان حصولهم على ظروف معيشية ملائمة، وانتفاعهم بخدمات صحية وتعليمية وسكنية عالية الجودة.
ويعدّ تنظيم «مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم»، و«مؤسسة الجليلة» في مقرها الجديد في مدينة دبي الطبية، مؤخراً، أعمال الدورة الجديدة من برنامج «تآلف» تحت عنوان «تمكين الأطفال أصحاب الهمم»، لتدريب أولياء أمورهم، وخاصة الأطفال من ذوي الإعاقات الذهنية واضطراب طيف التوحد، أحد أبرز البرامج التي تعمل على تزويد أولياء الأمور، الذين بلغ عددهم 55 ولي أمر، بالمهارات الأساسية اللازمة لإدارة السلوكيات الصعبة لأطفالهم، وبما يحوّل مجتمع دولة الإمارات إلى مجتمع صديق لأصحاب الهمم، ويخلق بيئة اجتماعية صحية تمكّنهم من الاندماج في مجتمعاتهم، عبر تسهيل الاتصال والتواصل معهم من دون عقبات. إن تعاون مؤسستين بحجم «زايد العليا لأصحاب الهمم»، و«الجليلة» في برامج لتحسين أوضاع أصحاب الهمم من الأطفال والالتفات إلى تطوير مهارات أولياء الأمور في هذا الجانب، دليل على نوعية الاهتمام الذي تحظى به هذه الفئة على الصعيد الوطني، وخاصة في ظل المطالبات المتواصلة من الآباء والأمهات بضرورة زيادة برامج تأهيل الأسر وتدريبها على كيفية التعامل مع أبنائها من أصحاب الهمم، بحسب نوع الإعاقة، وبما يقلل من تكلفة العلاج والتأهيل في المراكز المتخصصة، ويسهّل إدماجهم في المدارس والمجتمعات المحيطة.
وبالعودة إلى برنامج «تآلف» الذي أطلقته مؤسسة الجليلة، في عام 2013، فإنه جاء انطلاقاً من ضرورة تعزيز معارف ومهارات المهتمين برعاية الأطفال أصحاب الهمم وأسرهم، حيث يتلقى الآباء والأمهات تدريبات متخصصة حول المهارات التي تمكّنهم من إدارة سلوكيات أطفالهم الصعبة، وبما يرسّخ ثقافة الاستشارة الأسرية، التي تبحث عن حلول لمشكلات الأسر التي يقع ضمن أفرادها أطفال من أصحاب الهمم، ويحقق لهم الوصول إلى أفضل معايير الإرشاد الاجتماعي والنفسي، من خلال تعزيز ثقافة اللجوء إلى أهل الاختصاص والدراية، والاستعانة بخبراتهم لحل المشكلات الأسرية، ومعرفة ما يحتاجون إليه من خدمات الرعاية والتنمية والتمكين.
كما أن تحقيق التوافق النفسي والاجتماعي لأصحاب الهمم وذويهم، وتخفيف مشاعر التوتر والقلق لديهم، ومساعدتهم على الوصول إلى حاجاتهم وحاجات أبنائهم الأساسية في ظل محيط أسري يسوده الأمن والاطمئنان، هي من أبرز السياسات التي تسعى دولة الإمارات إلى تعزيزها في سبيل تحقيق الاستقرار والسكينة للأسر وأبنائها، وترسيخ معاني المودة والتآلف الأسري، وهو ما تحقق من خلال إقرار تأمين صحي شامل لأصحاب الهمم، وتوفير العلاج المجاني لهم، وتأهيل الأسر وتدريبها على كيفية التعامل معهم وفقاً لنوع الإعاقة، وتوفير مناهج ومرافق تعليمية تلائم حاجاتهم الإنسانية، وتعزز لديهم روح المشاركة والتفاعل مع أقرانهم، من دون إغفال التركيز على حاجاتهم الترفيهية والاجتماعية والنفسية.
وتحرص السياسة الوطنية لتمكين أصحاب الهمم، ودمجهم وإشراكهم في مجتمعاتهم، على تقديم خدمات نوعية ومتميزة وبأرقى المعايير العالمية، وفق محاور رئيسة عدّة، أهمها: الصحة وإعادة التأهيل، والتعليم، والتأهيل المهني والتشغيل، وإمكانية الوصول، ومحور الحماية الاجتماعية والتمكين الأسري، والحياة العامة والثقافة والرياضة، بما يمكّنهم من مواجهة التحديات، ويخلق بيئة مستدامة لهم، ويضمن تقديم الدعم المالي للأسر المستحقة، حتى تتمكن من إلحاق أبنائها من أصحاب الهمم بالمدارس والمراكز التأهيلية، فضلاً عن تشجيع القطاع الخاص على توظيف أصحاب الهمم وفق بيئة عمل منصفة وعادلة، تشجعهم على تطوير كفاءاتهم المهنية، وتمكّنهم من أخذ فرصهم كاملة من دون نقصان.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية