في الربيع الماضي، اعتقد ترامب وبعض المحيطين به أن الطريق بات سالكاً لإعادة انتخابه، إذ بدا كما لو أنه تجاوز تداعيات تقرير مولر الذي طال انتظاره حول التدخل الأجنبي في انتخابات 2016، والذي لم يتمخض عن شيء ذي بال، لكن بعض تفاصيله كانت مُدينةً.
وفيما كان ترامب مقتنعاً بأنه يستطيع الترشح من خلال المراهنة على الاقتصاد الذي يشهد طفرة، فإن أجزاء مهمة من الاقتصاد تسجل تباطؤاً. فالإنتاج الصناعي انخفض خلال العام الماضي، وبالإضافة لتراجع الشحن التجاري ومشكلات الزراعة، فإن نحو خمس الاقتصاد بات في حالة ركود. وقد أخذت الصناعة تسجل تراجعاً في كل من ميشيغن وويسكونسن وبنسلفانيا، وجميعها ولايات اختارت ترامب في انتخابات 2016. ثم إن إجمالي النمو، وإن كان لا يزال إيجابياً، أخذ يتباطأ أيضاً.
ولعل الأهم من ذلك أنه كان ثمة تراجع دراماتيكي في ثقة الشركات، إذ تبين استطلاعات آراء مديريها كيف باتوا الآن متشائمين على نحو لافت. كما يتضح من خلال سوق السندات التي انخفضت معدلات أسعارها بأكثر من 3% العام الماضي إلى 1.75% حالياً. وكانت آخر مرة شهدنا فيها هذا الانخفاض في 2010-2011، عندما أدرك المستثمرون أن التعافي من «الركود الكبير» سيكون بطيئاً ومؤلماً.
لكن ما الذي حدث لطفرة ترامب الاقتصادية؟ الواقع أن الانهيار في الثقة بدأ أواخر 2018، عندما أصبح واضحاً أن الرئيس جاد بشأن حرب تجارية على الصين، ثم تواصل مع تراكم الأدلة على أن خفض الضرائب في 2017 كان إخفاقاً كبيراً، لأنه لم يفد في رفع استثمار الشركات، وكان له تأثير سريع وقصير فقط على النمو.
والحقيقة هي أنه حتى المتشائمون توقعوا أن يجلب خفض الضرائب فائدةً أكبر والحربُ التجارية ضرراً أقل من المتوقع. فلماذا نحت الأمور هذا المنحى إذن؟ أحد الأجوبة (وأميل إليه شخصياً) هو أن الحرب التجارية، وبالإضافة إلى تأثيراتها المباشرة على الصادرات والشركات الأميركية التي تعتمد على المورّدين الصينيين، خلقت حالة ضارة من عدم اليقين. فالشركات التي تعتمد على سلاسل الإمداد العالمية باتت ترفض الاستثمار، خشية أن تزداد الحرب التجارية سوءاً، وفي الوقت نفسه، فإن الشركات التي يمكن أن تعوّض الواردات ترفض الاستثمار، خشية أن يقوم ترامب بالتراجع عن حربه في نهاية المطاف.
بيد أن ثمة جوانب أخرى إضافية لهذه القصة. فقد أمضت مصالح الشركات وقتاً طويلاً في الإنكار، قبل أن تواجه حقيقة أن ترامب وفريقه ليست لديهم فكرة كافية عما يفعلونه، وسط حالة عدم اليقين السائدة.
وختاماً، إذا كانت انتخابات 2020 ستتمحور حول مدى التزام ترامب بقسَم التنصيب على الأرجح، فإنه من المتوقع أيضاً أن الاقتصاد لن يكون صديقه على الأرجح.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»