تريد أوروبا أن تجعل هدفها في التحول إلى أول قارة محايدة مناخياً، مساراً لا رجعة فيه، بموجب قانون تكشف عنه الشهر المقبل، يوفر للمستثمرين اليقين الذي طالبوا به قبل دعم مستويات غير مسبوقة من الاستثمار. وذكر «فرانز تيمرمانز» نائب الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، أن قانون المناخ يلزم كل أركان الاقتصاد باتخاذ إجراءات، ويمنح المؤسسات التي تنسق عملية التحول السلطة القانونية للتحرك عند التقاعس عن تنفيذ الوعود.
وصرح «تيمرمانز» في مؤتمر صحفي في بروكسل يوم الثلاثاء، أن «هذا تمرين على الضبط لهذا العصر التحولي. تحول مجتمع يعتمد كلية على الكربون، إلى مجتمع لم يعد يحتاج إلى الكربون كأساس قاعدي لعمله، هو عمل ذو طبيعة هندسية بنائية». والتصريح يراد به تعزيز الدعم للاتفاق المقرر صدوره في 26 فبراير، وإعطاء الجماعات ذات المصالح في القضية إحساساً بضخامة المشروع. وصرح «ماركو مينسنك» المدير العام لاتحاد الصناعات الكيماوية (سيفيك) أن الصناعة تعمل بالفعل على تكنولوجيات مثل جمع الكربون وتخرين الهيدروجين، والمسألة بالنسبة للشركات لم تعد تتعلق بأهداف المناخ، بل بكيفية التمويل الضروري لعملية الإصلاح غير المسبوقة.
وتحدث مينسنك في المؤتمر الصحفي عن قانون المناخ قائلاً: «إنني في بروكسل منذ 15 عاماً وأعتقد أن الناس في القاعة يتفقون معي في أننا لم نشهد لحظة شيقة من قبل مثل هذه. إنها تمثل فرصة للسوق بحوالي تريليون يورو أو أكثر، وإذا قمنا بها على النحو الصحيح، سيتدفق استثمار هائل أيضاً إلى أوروبا». والإجراءات ستحمي قانونياً الصفقة الخضراء، وهي عبارة عن استراتيجية بعيدة المدى للتخلص من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بحلول منتصف القرن الحالي. والتحول يمثل لب قائمة أولويات رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير ليين، وسيطال مجالات تمتد من إنتاج الطاقة إلى النقل والزراعة.
وتستهدف الصفقة تلبية أوروبا أهداف اتفاق باريس بشأن المناخ. وترسخ الصفقة أيضاً مكانة القيادة الأوروبية في حماية البيئة، ليجعلها متقدمة على كبار المتسببين في التلوث مثل الصين والهند واليابان، التي لم تترجم بعد تعهدات باريس الطوعية إلى إجراءات قومية ملزمة. أما الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فقد لوح بالانسحاب من اتفاق باريس. وأعلن «تيمرمانز» أن «هذا تحدٍ ملحمي. ويمثل أيضاً فرصة هائلة لأوروبا كي تتصدر القيادة، وإذا قمنا بالأمر على النحو الصحيح، بوسعي التأكيد لكم أنه سيكون هناك اهتمام هائل على مستوى العالم بدراسة فكرتنا بشأن قانون المناخ. فقد تلقيت أسئلة بهذا الشأن من كل أنحاء العالم».
ويستلزم قانون المناخ دعماً من الدول الأعضاء ومن البرلمان الأوروبي. وسيجعل هدف المحايدة المناخية في عام 2050 ملزماً، وربما يتضمن رسم مسار يتبعه التكتل، كي يصل بالانبعاثات الصافية إلى صفر. وأشارت «فون دير ليين» أنها تريد رفع هدف تقليص الانبعاثات لعام 2030 إلى 50% أو حتى إلى 55%. والهدف الحالي في تقليص الانبعاثات يبلغ 40% على الأقل. ويرجح ألا تقترح المفوضية هدفاً جديداً لعام 2030 في هذه المرحلة، انتظاراً لمزيد من التفاصيل حتى النصف الثاني من هذا العام، مع نشر تحليل بشأن أهداف أشد صرامة للمناخ. وقد يتسبب هذا في خلاف مع البرلمان الأوروبي الذي يصر على أن يحدد القانون الجديد استهداف تقليص الانبعاثات بنسبة 55% في عام 2030.
ومن المقرر أن يستمر العمل التشريعي في قانون المناخ الجديد عدة شهور. وتريد كرواتيا التي ترأس اجتماعات الدول الأعضاء في النصف الأول من عام 2020 أن توافق الحكومات القومية على موقف تفاوضي مشترك في يونيو. وصرح «باسكال كانفين» رئيس لجنة البيئة في البرلمان الأوروبي، يوم الثلاثاء، أن اللجنة ربما تتفق على موقف من القانون في يونيو، وأن قرار اللجنة قد يتبعه موافقة بالإجماع في منتصف يوليو. وقبل هذا لا تستطيع المؤسستان البدء في مناقشة الشكل النهائي للقانون.
صحيح أن أوروبا مستعدة للمراهنة بمستقبلها على نظافة البيئة، لكن كلفة التحول مذهلة. فكي تحقق أوروبا الأهداف المناخية الحالية، ستحتاج إلى اتفاق إضافي يبلغ 260 مليار يورو (286 مليار دولار) سنوياً وفقاً لتقديرات المفوضية. وكشفت المفوضية، في وقت مبكر من يناير، عن خطة استثمارات مستدامة للمساعدة في جمع ما لا يقل عن تريليون يورو على مدار العقد المقبل، للمساعدة في تحقيق التحول الأخضر. *صحفية متخصصة في قضايا المناخ والطاقة
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»