لو عاملنا مخاطر المناخ بالطريقة التي يعامل بها رجال الأعمال المخاطر كل يوم، لكنا عالجنا تغير المناخ منذ فترة طويلة. لكن هذه ليست الطريقة التي نستجيب بها على المشكلة رغم أن العواقب المحتملة أشد بكثير من معظم مخاطر الأنشطة الاقتصادية. لننظر إلى الطريقة التي تم التعبير بها عن مخاطر تغير المناخ في تقارير رئيسة مثل التقييم القومي الأميركي للمناخ وتقرير «الهيئة الحكومية لتغير المناخ» التابعة للأمم المتحدة.

فقد ذكر التقييم القومي الأميركي للمناخ أن هناك احتمالاً بنسبة 66% على الأقل أن تتفاقم إصابة المرء بالربو أو حمى القش بسبب تغير المناخ. وهناك احتمال بنسبة أكثر من 90% من أن التساقط المتطرف للأمطار سيتزايد تكراراً وكثافة. ماذا عن زيادة موجات الحرارة؟ تشير البيانات هنا إلى أن احتمال ارتفاع درجات الحرارة يبلغ 99%. والحقيقة أن موجات الحرارة تقتل من الناس أكثر مما تقتله أي ظاهرة مناخية أخرى مرتبطة بالمناخ في الولايات المتحدة. وماذا عن مستويات البحر؟ مع الاستمرار في مسارنا الحالي من الانبعاثات، يشير التقييم القومي الأميركي للمناخ إلى أن هناك احتمالاً بنسبة تزيد على 60% أن تغرق فلعياً عقارات تتراوح قيمتها ما بين 66 مليار دولار و106 مليارات دولار بحلول عام 2050.
وما الطريقة التي نعالج بها هذه المخاطر من تغير المناخ؟ إنها طريقة ليست جيدة للغاية. إننا نريد المزيد من المعلومات والمزيد من الأدلة على أن المخاطر ما زالت حقيقية قبل التحرك. دعنا نقارن هذا بالطريقة التي يعالج بها النشاط الاقتصادي المخاطر. فالشركات لا ترضى باحتمال نشوب حريق في مبانيها بنسب 66% أو أن يكون احتمال سقوط إطارات سيارة جديدة ينتجونها بنسبة 66%. فهذا مستوى من المخاطر غير مقبول. كيف نعرف هذا؟ لأننا نعرف الأدوات التي تستخدمها الشركات ومستوى المخاطر المستعدة لتقبلها. وإحدى الأدوات المستخدمة بكثرة هي تحليل أنماط وآثار الإخفاق، وهو يستخدم لتقييم مخاطر الفشل في كل مكون من منتج معين وعواقب الفشل في المنتج إجمالاً.
ومقياس تحليل أنماط وآثار الإخفاق يبدأ من واحد إلى عشرة. وعشرة هي أسوأ الحالات وواحد هو أفضل الاحتمالات التي يستهدفها المهندسون والمصممون. وتصنيف عشرة يقابل احتمال فشل بنسبة 10% أو أكثر. وتسعة تعادل احتمال فشل بنسبة 5% واثنان تعادل احتمال بنسبة 0.0001% أو أقل. وواحد تعادل احتمال بنسبة صفر. ولذا، فمصممو السيارات يكافحون من أجل احتمال بنسبة 0.0001% من الفشل أو أفضل من هذا.
أما في المناخ، فإننا نتحدث عن احتمالات بنسب تبلغ 66% و90% و99% في تغير المناخ، ولم نفعل إلا القليل للغاية حالياً لتقليص هذه المخاطر. وعلى خلاف عالم السيارات، يبدو أننا نريد أن يبلغ علماء المناخ اليقين بنسبة 100%.
المخاطر يتم التعبير عنها بصفة عامة باعتبارها احتمالاً يتفاقم مع التأثير. والارتباط بين هذين المتغيرين يحدد مستوى المخاطر. ولذا، فالاحتمال المرتفع لوقوع خطر في ظل تأثير صغير قد يكون محل قلق كبير. والاحتمال المرتفع لوقوع خطر مع تأثير كبير يمثل مشكلة حقيقية. فلسقوط الإطار من سيارتك تأثير كبير كما هو في حالة غرق منزلك. في كلا الحالتين، نريد تقليل الاحتمال إلى أقصى درجة. وهناك اختلاف واحد كبير بين سقوط الإطار من السيارة وخطر المناخ. فحين ترتكب شركة سيارات خطأ ويقع خطر، فإنها تستطيع استدعاء السيارات وإصلاح المشكلة. لكن لا يمكن إعادة مياه البحر عند باب منزلك الأمامي إلى سابق عهدها أو إعادة الهواء المتسبب في الربو الذي يتنفسه طفلك إلى سابق عهده.
الأمر يبدو كما لو أننا نتحدث لغتين مختلفتين. والأمر يبدو كما لو أن تغير المناخ وجزء كبير من الأرض لا يثير فينا من القلق ما تثيره فينا سيارة واحدة محفوفة بالمخاطر. وأحد المخاطر الأكثر إثارة للقلق في تغير المناخ هو بدء ذوبان غطاء الثلج في القارة القطبية الجنوبية وجرينلاند هذا القرن، ما يؤدي إلى ارتفاع في مستويات البحر إلى ما يصل إلى ثمانية أقدام بحلول عام 2100 ويضع مصير مدننا الساحلية المنخفضة في خطر. فهل نستطيع تخيل محاولة إعادة توطين ملايين الأشخاص في داخل البلاد؟ ما عدد الناس الذين سيعانون؟ من سيدفع التكلفة؟
ما الاحتمالات؟ لا أحد يعرف على وجه اليقين، لكن مسحاً أجراه في الآونة الأخيرة علماء مناخ متخصصون في ارتفاع مستويات البحر وضعوا نسب الاحتمال عند 5%. وأوضحت الدراسة نفسها أن 200 مليون شخص تقريباً سينزحون. ألا يثير هذا القلق ويحتاج لاستجابة؟
روب موتا
متخصص في إعلام تغير المناخ في جامعة كولورادو بمدينة بولدر
جيم وايت
أستاذ العلوم الجيولوجية في جامعة كولورادو