أظهرت تقديرات علمية جديدة أن حرائق الغابات في أستراليا، والتي لا تزال مشتعلة وحصدت ثلاثة أرواح جديدة هذا الأسبوع، قد أطلقت ما يكفي من غازات الدفيئة، لتضاعف انبعاثات غازات الدفيئة السنوية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري في البلاد.
يقول «جيدو فان دير ويرف» الذي يساعد في الحفاظ على قاعدة بيانات انبعاثات الحرائق العالمية، إن الحرائق المشتعلة، خاصة في «نيو ساوث ويلز» وفيكتوريا، قد أطلقت نحو 400 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون حتى الآن «ما يدفع التقديرات على مستوى البلاد في 2019 إلى رقم قياسي جديد في عصر الأقمار الصناعية» يقدر بنحو 900 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
وحلقت سحب الدخان المنبعثة من الحرائق حول الكرة الأرضية، وغطت الأنهار الجليدية في نيوزيلندا باللون البني، وأدت إلى جعل غروب الشمس يميل إلى اللون الأحمر في أميركا الجنوبية، وربما وصلت إلى القارة القطبية الجنوبية.
ووفقاً لمشروع الكربون العالمي، أطلقت أستراليا 421 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2018، ما يجعلها تحتل المركز الـ 16 كأكبر مصدر للانبعاثات على مستوى العالم، متجاوزة المملكة المتحدة. عادة لا تدخل الانبعاثات المرتبطة بالحرائق ضمن التقديرات لانبعاثات أي بلد، حيث إن مثل هذه الملوثات غالباً ما يعاد امتصاصها بمرور الوقت.
في عام مليء بالحرائق في أستراليا، تحترق كميات كبيرة من الأراضي العشبية في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة. وغالباً ما تتم إعادة امتصاص الكربون المنبعث من هذه الحرائق خلال موسم الأمطار التالي.
ومع ذلك، فقد اشتعلت النار في النظم البيئية الشاسعة التي تعمل كأرصدة ادخار كربون طويلة الأجل، حيث تستوعب الكربون وتخزنه في كتلة حيوية، كما كان الحال في الجبال الزرقاء في «نيو ساوث ويلز»، وتم إطلاق هذا الكربون في الغلاف الجوي أثناء الحرائق، وقد يستغرق الأمر عقوداً حتى تتعافى الغابات إلى الحد الذي تصبح فيه مصادر لامتصاص مثل هذه الكميات من ثاني أكسيد الكربون مرة أخرى.
وفي الواقع، ربما لا يحدث التعافي التام، خاصة إذا اشتعلت المزيد من الحرائق في هذه الغابات في تتابع سريع، كما أشار فاد دير ويرف.
وفي مؤشر آخر على آثار التغير المناخي الناجمة عن حرائق الغابات، قال مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة يوم الجمعة إن الحرائق الأسترالية يمكن أن تمثل 1-2% من وتيرة تسارع نمو التركيز العالمي لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكوكب في عام 2020.
وحذر «فان دير ويرف» من أن تقديرات انبعاثات الحرائق في أستراليا تأتي مع قدر «كبير» من عدم اليقين يرجع أساساً إلى الطبيعة غير المسبوقة لهذه الحرائق.
يقول «نيلز أنديلا»، عالم أبحاث في وكالة ناسا للفضاء، والذي يعمل أيضا على إعداد قاعدة بيانات انبعاثات الحرائق، إن فحصين مستقلين لانبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرائق الغابات في 2019 و2020 توصلا تقريباً إلى استنتاجات متشابهة، ما يعزز ثقته في الأرقام.
وقال «أنديلا» في مقابلة معه إن تقدير الانبعاثات تتم باستخدام أجهزة محمولة بوساطة أقمار صناعية مختلفة والتي تكشف عن مؤشرات حرارة حرائق الغابات. وتستغل قاعدة بيانات الانبعاثات البيانات التاريخية لتحديد المواقع الساخنة، وكذلك الطاقة المنبعثة من حرائق الغابات، وكلاهما ارتفع إلى مستويات غير مسبوقة في جنوب شرق أستراليا في الأشهر الأخيرة. وتتم تغذية نموذج الكمبيوتر بالبيانات والملاحظات التاريخية لتحديد الانبعاثات المحتملة.
ومع ذلك، فإن القياسات الأكثر دقة ستتطلب معلومات عن النظم الإيكولوجية المحترقة، وكذلك المنطقة المحترقة تحديداً، الأمر الذي سيستغرق وقتا لتوليدها.
في أستراليا، يدور الجدل حول ما إذا كان ينبغي تقليل كثافة الغابات لجعلها أقل عرضة للحرائق، على الرغم من أن الأدلة العلمية تشير إلى أن أكبر العوامل التي تؤدي إلى مخاطر الحرائق هي الحرارة والجفاف، وليس كثافة الغابات. ويزيد التغير المناخي من عوامل الخطر هذه.

يقول أستاذ علوم الأرض بجامعة ستانفور «روب جاكسون» إنه من المحتمل أنه بحلول وقت القضاء على حرائق الغابات أخيراً، ستكون الانبعاثات الناتجة عن موسم الحرائق هذا قريبة من مليار طن من ثاني أكسيد الكربون. وسيكون هذا أقل من الحرائق التي اندلعت في إندونيسيا في 1997-1998، ولكنه مساوٍ تقريباً للحرائق التي اندلعت هناك في 2015-2016.

*صحفي متخصص في علوم المناخ
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»