بيانات الاقتصاد الأميركي تظهر أن النمو في عدد الوظائف، وإجمالي الرواتب، وإجمالي ساعات العمل.. في حالة هبوط، كما تظهر ضعف الاستهلاك والإنتاج الصناعي

هناك إجماع على أن المستهلك الأميركي لا يزال من القوة بما يكفي لدفع الاقتصاد إلى الأمام حتى على الرغم من ضعف قطاع التصنيع. وتدعم هذه النظرة التوقعات بتحسن أرباح الشركات في عام 2020. لكن البيانات الاقتصادية الثابتة تصدمنا بملاحظة مناقضة. وعلى وجه الخصوص، لا يزال الإنتاج الصناعي على أساس سنوي في حالة من الانخفاض، حيث يتراجع بشكل أعمق. وفي الواقع، تراجع الإنتاج فعلياً خلال عام 2019 وسط خسائر في وظائف التصنيع في الأشهر الأخيرة، مما أثار الحديث عن إمكانية حدوث ركود في هذا الجزء من الاقتصاد.
وقد أدى الضعف الذي لا يمكن إنكاره في قطاع التصنيع إلى توافق الآراء على قوة المستهلك. ومع ذلك، ورغم ما يقال عن ثقة المستهلك، فإنه لا ينفق كثيراً. وبدلا من ذلك، تؤكد اتجاهات ضعف المبيعات التباطؤ المستمر في الإنفاق الاستهلاكي.
لقد تراجع نمو مبيعات التجزئة الحقيقي إلى أدنى مستوياته خلال ستة أشهر عند 1.25% في نوفمبر الماضي على أساس سنوي، مقابل 3.7% قبل ذلك بعامين. نعم، كان هناك انتعاش كبير في شهر ديسمبر، لكنه في الغالب كان مقارنةً بالهبوط الكارثي في مبيعات التجزئة في ديسمبر 2018. وإلى ذلك، فإن هذا لا ينفي حقيقة أن نمو الإنفاق كان يتضاءل تدريجياً رغم أن الدراسات الاستقصائية أظهرت أن ثقة المستهلك وسوق الأوراق المالية بلغت مستويات قياسية.
فما السبب، إذن؟ إن شريان الحياة بالنسبة للمستهلك العادي هو نمو فرص العمل، وليس أسعار الأسهم. لذا، فمن المهم إدراك أن النمو على أساس سنوي في الوظائف غير الزراعية قد تراجع إلى أدنى مستوياته في غضون 2.25 عام.
وأسوأ من ذلك، أن النمو في إجمالي الأجور قد انخفض بشكل أسرع خلال العام الماضي مقارنة بالنمو في ساعات العمل، حيث تباطأ إلى 3.8% مقابل 5.5% تقريباً. ونتيجة لذلك، تراجع النمو في متوسط الدخل في الساعة على أساس سنوي، أي نسبة إجمالي الأجور إلى إجمالي ساعات العمل). وهذا هو السبب وراء التراجع المثير للقلق في نمو الأجور، حتى في مواجهة معدل بطالة منخفض جداً (يبلغ 3.5%)، مما أغضب العديد من الاقتصاديين.
وبالنسبة للمواطن الأميركي العادي، فإن هذا التباطؤ الحاد في نمو إجمالي الأجور يحد من نمو الإنفاق. وبغض النظر عن مدى الثقة التي قد يشعر بها المستهلكون، فهناك الكثير من الديون الجديدة التي يمكنهم تحملها بشكل واقعي لدعم المزيد من الإنفاق. وتظهر البيانات الثابتة أن النمو في عدد الوظائف، وإجمالي الرواتب وإجمالي ساعات العمل.. في حالة هبوط مستمر. كما تظهر ضعف الاتجاهات في إنفاق المستهلكين ونمو الإنتاج الصناعي.
لذلك، ففي حين أن الأسواق المالية التي تدعمها البنوك المركزية القابلة للتأقلم بشكل متزايد قد تكون داعمة للمستهلكين ذوي الدخل المرتفع، فإن المواطن الأميركي العادي يتعرض لضغوط كبيرة. وبالرغم من انخفاض العوائد على سندات الخزانة الأميركية، فقد ارتفع متوسط أسعار بطاقات الائتمان بلا هوادة في السنوات الخمس الأخيرة، ليبلغ أكثر من 15% عام 2019. وفي نفس الوقت، فإن ثلث الذين يشترون مركبات جديدة لديهم حصة سلبية في السيارات المستعملة التي يتاجرون بها، مقارنة بنحو الربع قبل الأزمة المالية. وتجاوزت الديون الزراعية 400 مليار دولار بزيادة 40% تقريباً عن عام 2012.
وبصرف النظر عن الإجماع على أن المستهلك «قوي»، فثمة في الواقع القليل من المؤشرات على أن تباطؤ النمو الاقتصادي قد انتهى. وطالما أن هذا هو الحال، فإن خطر حدوث ركود –رغم أنه ليس خطراً واضحاً وحاضراً– لا يمكن استبعاده في عام 2020.

لاكشمان أخوثان وأنريفان بانيرجي*
*مؤسسان مشاركان في معهد أبحاث الدورة الاقتصادية -نيويورك
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»