تعد الأسرة بمثابة النواة الرئيسية في المجتمع، وهي كالقلب بالنسبة إلى الجسد، إن صلحت صلح المجتمع كله، وإن فسدت فسد المجتمع كله، ولهذا ليس غريباً أن تلجأ الدول المختلفة إلى توجيه جل اهتمامها نحو رعاية الأسرة وتوفير كل مقومات دعمها. ويجسد اليوم العالمي للأسرة، الذي يوافق الـ15 من مايو من كل عام، الاهتمام الكبير الذي يوليه المجتمع الدولي لدعم الأسرة ودورها في المجتمع وتوفير كل مقومات النهوض بها، وتتيح هذه المناسبة السنوية الفرصة لتسليط الضوء على القضايا المختلفة التي تهم الأسرة، ويتم الاحتفال بها من خلال أنشطة وورش عمل ومؤتمرات وبرامج تلفزيونية وإذاعية ومقالات صحفية وبرامج ثقافية لتسليط الضوء على أهمية الأسرة، بوصفها اللبنة الأساسية للمجتمع.
وتحظى رعاية الأسرة في دولة الإمارات العربية المتحدة بأهمية مطلقة منذ تأسيس الدولة في الثاني من ديسمبر عام 1971 على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عمل على مأسسة العمل في مجال تنمية الأسرة والمجتمع، فأنشأ العديد من الجمعيات النسائية، وفي مقدمتها جمعية «نهضة المرأة النسائية»، ثم الاتحاد النسائي العام، وغيرهما من الجمعيات التي تنامى عددها خلال المرحلة الراهنة، ليجسد تطور هذا الاهتمام الكبير من قبل دولة الإمارات بالأسرة. وقد سارت القيادة الرشيدة للدولة، ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على النهج ذاته في الاهتمام بالأسرة وتوفير كل سبل الراحة لأفرادها، وصولاً إلى مجتمع متلاحم وأسرة متماسكة قادرة على مواكبة حركة التطور السريع في جميع المجالات، سعياً إلى تحقيق الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والتطويرية والتعليمية من خلال عدد من المشاريع التنموية التي تنفذها الدولة. وتبذل سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، جهوداً مشهودة في هذا السياق. وتقوم مؤسسة التنمية الأسرية التي تحظى برعاية واهتمام ودعم خاص من «أم الإمارات» بدور كبير في رعاية الأسرة الإماراتية، وتوفير كل ما تحتاجه من خدمات، وذلك من خلال تنفيذ وتبنّي المشاريع والخدمات والبرامج الاجتماعية المختلفة، انطلاقاً من رسالة المؤسسة التي تتمحور حول «الإسهام الحضاري في تطوير مجالات التنمية الاجتماعية المستدامة وتحقيق رفاه الأسرة والمجتمع بكفاءة عالية في الأداء المؤسسي التشاركي»، ورؤيتها في التنمية الاجتماعية المستدامة لأسرة واعية ومجتمع متماسك.
وقد أسفرت هذه الجهود الدؤوبة المبذولة من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة لرعاية الأسرة عن تبوؤ الدولة مكانة مرموقة في هذا السياق، حيث احتلت المركز الأول عربياً ضمن قائمة «أفضل الدول لرعاية الأسرة» لعام 2019، كما جاء في صحيفة «يو أس نيوز ويرلد ريبوت» الأميركية، استناداً إلى الاستطلاع السنوي الذي تُجريه مجموعة «باف» (BAV) البحثية بالتعاون مع كلية وارتون التابعة لجامعة بنسيلفانيا الأميركية، ويغطي التقرير النهائي عن العام الماضي الذي يقارن بين الدول في جودة الحياة الأسرية لتربية الأطفال، محاور حقوق الإنسان وبيئة الحياة العائلية، مع اعتبارات المساواة في الفرص المُدرّة للدخل، والأمن وخدمات التعليم ونظم الرعاية الصحية. وقد احتلت الإمارات موقع الصدارة العربية في إجمالي هذه المعايير، واحتلت المرتبة الـ22 عالمياً بإجمالي معايير جودة الحياة الأسرية وتنشئة الأطفال، والمرتبة الـ23 في معايير الريادة الأممية بهذه المجالات، مع المرتبة الـ25 في مقاييس جودة الحياة، والمرتبة الـ26 في موضوع المرأة.
وتمثل الأسرة العمود الفقري للمجتمعات، وتدرك دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الحقيقة، ومن ثم فهي تعمل على توفير كل ما من شأنه دعم الأسرة الإماراتية والارتقاء بها، من خلال جهود متواصلة في هذا السياق، جعلت الدولة تتبوأ مكانة مرموقة في هذا المجال.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.