الطائرات العاملة ببطاريات لن تحل محل الطائرات الكبيرة قريباً، لكن تكنولوجيا المحركات المهجَّنة ستلعب دوراً في الطائرات الأكبر حجماً.. وستظهر طائرات الأجرة والسيارات الطائرة وطائرات النقل الصغيرة

زودت شركة طيران كندية صغيرة طائرة بحرية عمرها 63 عاماً بمحرك كهربائي، ضمن السباق الذي تخوضه إلى جانب شركة بوينج وإدارة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) وشركة أوبر، في سبيل تدشين طائرات تعمل بالكهرباء. وفي هذا الشهر، قامت طائرة «دي هافيلاند بيفر» المعدلة لشركة «هاربور آير» بأول رحلة لها فوق المياه بالقرب من فانكوفر، وظلت في الجو لبضع دقائق، في مناورة دفعت الخطوط الجوية لأن تعلن أنها أجرت أول رحلة كهربائية تجارية في العالم. والاختبار هو إنجازٌ متواضع فيما يبدو في عصر تعبر فيه الطائرات اعتياديا الكرة الأرضية، لكن «جريج مكدوجال»، الرئيس التنفيذي لشركة هاربور آير وملاح الرحلة، قال إنها خطوة كبيرة نحو مستقبل أرخص وأنظف وأهدأ للطيران.
وتنامى الاهتمام بالطائرات الكهربائية في السنوات القليلة الماضية مع قيام شركات راسخة القدم وشركات بادئة بمشروعات ودعم مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين القيام بالمزيد من الأبحاث والاختبارات. وهذه التكنولوجيا قد تفتح الباب على أنواع جديدة من نشاط الطيران الاقتصادي، مثل طائرات الأجرة والسيارات الطائرة، مع تقليص الآثار البيئية للطيران. وفي ديسمبر من العام الماضي، أعلنت شركة «رولز رويس» لصناعة محركات الطائرات عن طائرة تأمل أن تكسر السرعة القياسية للطائرات الكهربائية في رحلة من المقرر أن تنطلق في نهاية ربيع عام 2020. وأعلنت «ناسا» اعتزامها تدشين طائرة كهربائية في وقت لاحق من العام المقبل، وهو جزء من مشروع للتحقق من المزايا الفريدة للطائرات التي تعمل بالبطاريات وتطوير التكنولوجيات المتقدمة.
والتحديات هائلة وليس أقلها أن بطاريات اليوم لا تستطيع احتواء ما يكفي من الطاقة مثل الذي يوفره الوقود المستمد من النفط، وعيوب التصنيع قد تؤدي إلى نشوب النيران فيها. لكن مكدوجال يؤكد أن عمليات الشركة تمهد الأرضية بشكل جيد للاختبارات التالية. فالطائرات البحرية للشركة تطير لمسافات قصيرة نسبياً، وفي حالة الطوارئ يمكنها أن تهبط في أي مكان إذا كانت فوق الماء. وصرح مكدوجال بأنه بدأ يتساءل عن إمكانية ظهور طائرة كهربائية بعد حصوله على سيارة كهربائية من شركة «تسلا» قبل خمس سنوات. وفي فبراير الماضي، فاتحت شركة «ماجنيكس» للمحركات مكدوجال بشأن محاولة القيام بمشروع قبل نهاية العام، وهو مدى زمني ضيق في مجال صناعة الطيران.
وفي يوم 10 ديسمبر الماضي، أقلعت الطائرة «بيفر» وشاهدتها حشود من الناس على الشاطئ. وصرح مكدوجال بأن التحسن في أداء الطائرة كان ملحوظاً على الفور، وداخل الطائرة اختفى الضجيج الذي يسببه محرك الاحتراق. وجذب احتمال أن تكون الطائرة الكهربائية أكثر هدوءاً انتباه المشرعين الذين دأبوا على الشكوى من الضوضاء. وفي نوفمبر الماضي، تقدم السيناتور «الديمقراطي» بن كاردان وعدد من زملائه بتشريع يطالب «ناسا» بتوسيع أبحاثها ويوفر ستة أعوام من التمويل تبلغ إجمالاً 1.2 مليار دولار. ويتوقع مشروع القانون أن تدخل الخدمة طائراتٌ كهربائية تقترب من حجم طائرة بيونج 737 بحلول عام 2040. وفي مشروع «ناسا» هناك طائرة يُطلق عليها «إكس-57 ماكسويل»، وهي الأحدث في سلسلة طائرات يبدأ اسمها بحرف إكس.
وأعلن «شون كلارك»، المحقق الرئيس في المشروع، أن «ناسا» تتطلع إلى توظيف التكنولوجيا بوسائل لا تستطيعها منظمة أخرى، وهي تأمل في نهاية المطاف أن تقدم نظاماً في المحركات يستخدم خُمس الطاقة التي يستهلكها المحرك الذي يعمل بالبنزين. لكنه يعتقد أن بلوغ هذا الهدف يستلزم تحقيق الكثير من الانفراجات التكنولوجية. وطور فريق «ناسا» بالفعل بطاريةً تقاوم احتمال نشوب النيران فيها حين تقع مشكلة في خلايا الطائرة البالغ عددها خمسة آلاف خلية. ويتشاور الفريق مع خبراء من محطة فضاء الوكالة وفرق تصميم ملابس الفضاء للحصول على أفكار. ويعتزم فريق كلارك أن يدمج تدريجياً المزيد من التكنولوجيا الكهربائية في الطائرة التي تعد نسخة معدلة من طائرة أنتجتها شركة تيكنام الإيطالية. والتصميم النهائي المتوقع سيضم 14 محركاً، بعضها سيكون في حافة الأجنحة تقريباً، وهو ما يتوقع أن يحسِّن كفاءة الطائرة بشكل كبير.
والطائرات التي تعمل ببطاريات لن تحل محل الطائرات الكبيرة على الأرجح، لكن تكنولوجيا المحركات المهجَّنة قد تلعب دوراً في الطائرات الأكبر حجماً. ويعتقد كلارك أن «هذه التكنولوجيا ربما تغير حياة الناس في السنوات العشرين أو الثلاثين المقبلة». فقد تظهر طائرات الأجرة والسيارات الطائرة والطائرات الصغيرة التي تنقل الناس بسرعة حول المناطق الحضرية الكبيرة. والفكرة دفعت كلا من بوينج وبورش إلى تكوين فريق لابتكار سيارة طائرة للأغنياء، بينما تروِّج أوبر لعمليات نقل جوي بالأجرة للجمهور.
وأكد مكدوجال أن شركته تعمل بالفعل في هذا النشاط وتنقل الناس حول شمال غرب الهادئ من وسط مدينة فانكوفر وسياتل وفكتوريا والجزر التي بينها. وأضاف: «الناس يستخدموننا بالطريقة التي يستخدمون بها الحافلات والعبارات». ومضى مكدوجال يقول إنه إذا استطاعت الطائرات الكهربائية تقليص كلفة التشغيل والصيانة، فقد يعني هذا المزيد من العملاء. والخطوة التالية لشركة هاربور آير وماجنيكس هي اعتماد الحكومة الكندية للطائرة والمحرك. وذكر مكدوجال أنه يستهدف نقل مسافرين في غضون عامين.
إيان دنكان*
*صحفي يغطي شؤون وكالات النقل الاتحادي وسياسة النقل
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»