مع تطور المجتمعات، باتت الحاجة إلى إقرار قوانين واضحة، أمراً مهماً يضمن استمرارية المجتمعات واستقرارها. وجود القوانين يضمن تحقيق العدالة، وهذا بدوره يتطلب وجود مؤسسات معنية بتنفيذ القوانين، ومن ثم محاسبة من ينتهكه.
ويقر فقهاء القانون دوماً أن هذا الأخير يتفاعل مع المجتمع، أي أنه يتأثر بتطورات مجتمعية، ويحتاج إلى أن يصبح مواكباً لواقع المجتمع الصادر فيه.
وانطلاقاً من هذه القناعة، فعادة ما يسفر الواقع الاجتماعي بتطوراته ومستجداته، عن وجود حاجة لتطوير بعض القوانين، بما يتلاءم مع هذه المستجدات التي قد تكون تقنية مثل ظهر جرائم إلكترونية مثلا تستغل شبكة الإنترنت والفضاء الرقمي، أو نشوء ظواهر اجتماعية غريبة أو دخيلة على المجتمعات.
ولِتفعيل دور القانون في المُجتمع فلا بدّ من دراسته وفهمِه قبل الشروع في تنفيذه، كما يجِب إدراك أنَ القوانين وُضِعت لِتُعالِج المشكلات، والهدف منها هو الإصلاح وليس مجرد العِقاب وتفكيك الأسر وهدم البيوت، وما يثلج الصدور أن الجهات المعنية تجري دراسات كافية قبل طرح تعديلات على بعض القوانين، وذلك استناداً إلى واقع ومعطيات حقيقية، كي يتم وضع الأمور في نصابها الصحيح.
ومن المهم في مجتمعاتنا أن القوانين مستمدة من قيم أصيلة، ذات مضامين أخلاقية راسخة، يحض عليها ديننا الحنيف وقيمنا العربية الأصيلة.
وربما يتم تطوير القوانين نتيجة سجالات اجتماعية تنامت عبر أجيال، واستندت لتجارب واقعية، مثل حقوق المرأة وحماية الطفولة والأمومة، والتكافل الاجتماعي، وغيرها من قضايا اجتماعية متواترة تشهدها مجتمعاتنا.
ولذلك اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة، قوانين وقرارات شفافة ومرنة، تضمن حماية المرأة وصون حقوقها على اعتبار أن المجتمع العربي مجتمع ذكوري.
واللافت أيضاً أن أغلب القوانين، وخصوصا قوانين الأحوال الشخصية في المجتمعات العربية تشهد استقطابات، بين ما يعتبرها تميلاً في صف المرأة أو في صف الرجل، البعض يصفها بأنها منحازة مع المرأة ضد الرجل، وآخرون يعتبرون أن القانون يعكس روح القيم النبيلة، كالتسامح والمساواة والعدالة أولا وأخيراً، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة في غاية الأهمية، كالحفاظ على الأسرة وتماسكها وحفظ حقوق وتمكين المرأة، وتشجيعها وصون وحفظ حقوقها وحقوق أطفالها.
المشكلات عادة ما تأتي من الخبثاء وناكري الجميل المعروف، يستغلون هذه القوانين الشفافة والمرنة لصالحهم ضد الخصوم، ويوظفونها بشكل سيء وقاسٍ وظالم، تتماشى مع ما يضمرون بداخلهم، خصوصاً إذا لم يجدوا رادعاً اجتماعياً وأخلاقياً يمنعهم من هذا السلوك الدخيل على بيئتنا وتقاليدنا، التي هي مثابة حائط صد أشبه بأن تكون ومنظومة أخلاقية وقيمية تحافظ على الأسرة، وربان السفينة الذي هو مثابة الحارس الأمين للعائلة، وليس تمرير القوانين لإصدار أحكام مجحفة تحاصره وتحوله إلى مجرم.
وهؤلاء الأشرار، يبحثون عن فقرات وثغرات قانونية، تنفذ منها سمومهم الزعاف ضد الخصوم والأضرار بهم وتشويه سمعتهم انتقاماً من دون وازع ديني أو حتى رادع أخلاقي يمنعهم، ولا يراعون خصوصية وقيم وأخلاق البيئة التي يعيشون فيها، خصوصاً الذين يكونون طارئين على بيئة الخصم الذي يلتزم بالتقاليد الذي تحصنه وتحميه من الأفكار الطارئة التي تفضل الطمع والجشع أكثر من معرفة ودراية خصوصية حالة التربية ومنظومة الأخلاق.
* كاتب سعودي