خاض دونالد ترامب السباق على الرئاسة معلناً تأييده تقديم المساعدات الاجتماعية للمواطنين البيض واستبعاد اللاجئين المسلمين والمهاجرين الهسبانك منها. وأيد برامج التأمين الاجتماعي وميديكير، وهي برامج ارتبطت بالبيض ومتلقيها منهم، وانتقد برنامج أوباماكير الذي استفاد منه بشكل كبير الأميركيون السود والهسبانك. والواقع أن ترامب استشعر القلق لدى بعض الأميركيين البيض وخوفهم من أفولهم العرقي والاقتصادي. لكن مع وصوله إلى المنصب، لم تعمل حكومته لصالحهم. لقد عملت لصالح الأثرياء وورثتهم ولصالح الصناعة وتركيز رأس المال. وقلّص ترامب الضرائب على الشركات وخفف على المتسببين في تلوث البيئة. لكن أنصاره يمكنهم الاستمتاع بكراهية إدارته للمهاجرين، كما لو أن حظر السفر ومعسكرات الاحتجاز قد تستعيد الرواتب المفقودة!
هناك مجال أساسي تجلى فيه تحيز ترامب في الرعاية الاجتماعية وهو المدفوعات بمليارات الدولارات للمزارعين المتضررين من حرب الرئيس التجارية مع الصين. ففي سياق هجومه الأكبر على شبكة الأمان الاجتماعي، تعتبر هذه المدفوعات أقرب الأمور إلى نوع المساعدة التي وعد بها ترامب أثناء حملته. ففي وقت مبكر من عام 2018، أعلن ترامب فرض رسوم على طائفة من متنوعة من السلع الصينية. وردت الصين بفرض رسوم كبيرة على المنتجات الزراعية الأميركية. وأضرت هذه العقوبات بمزارعي فول الصويا الأميركيين الذين يبيعون نحو 14 مليار دولار تقريباً من محاصيلهم إلى الصين. ومع استمرار الحرب التجارية، انخفضت بشدة دخول هؤلاء المزارعين. واستخدمت وزارة الزراعة قانوناً يعود إلى عصر «الصفقة الجديدة»، يسمح بتقديم دعم محدود للمزارعين المتضررين من الصراع التجاري. وحتى الآن، وزعت الإدارة نحو 19 مليار تقريباً من صفقة تبلغ 28 مليار. ويُعتقد أن ضخامة هذه المدفوعات تجعلها «أكبر مصدر لدعم المزارعين».
وتباهى ترامب بهذه المدفوعات في اجتماع حاشد مؤخراً بمدينة بولاية أوهايو ووعد بتوقيع صفقة كبيرة تتراوح قيمتها «بين 40 و50 مليار دولار لمزارعينا». لكن كلمة «مزارعينا» لا تشمل الجميع. فالغالبية العظمى من المدفوعات ذهبت إلى المزارعين البيض وكبار ملاك الأراضي. صحيح أن معظم المزارعين الأميركيين بيض، لكن في ولاية مسيسيبي، مثلا، هناك 14% من المزارع يديرها أميركيون سود، لكنهم لم ينالوا إلا 1.4% فقط من الإعانات الموزعة في الولاية. وهذا تحيز في الرعاية الاجتماعية، وإن كان محدود النطاق. والمدفوعات ستعزز المكانة السياسية لترامب، فالتعويض السخي لجمهور الناخبين المؤيدين سيشتري أصواتهم.
ومقابل حماس الرئيس لتقديم مدفوعات للمزارعين، نجده يمانع في المساعدات التقليدية. ففي ديسمبر الماضي، أعلنت إدارته اشتراطات أشد صرامة للاستفادة من «برنامج المساعدة الغذائية التكميلية»، أو ما يعرف بكوبونات الطعام. وبموجب القواعد الجديدة ستجد الولايات صعوبة أكبر في تجاوز اشتراطات العمل للراشدين الأصحاء في المناطق التي بها نسب بطالة مرتفعة. ويتوقع أن ينهي التعديل إعانات كوبونات الطعام لنحو 700 ألف راشد، مما يوفر خمسة مليارات دولار، أي أقل من ثلث الأموال البالغة 19 مليار دولار التي أنفقتها الحكومة حتى الآن على المزارعين.
ما نستنتجه من سنوات ترامب هو أن هناك ناخبين حقيقيين لدولة رفاهية البيض التي أشار إليها ترامب في حملته. إنهم ليسوا أغلبية، لكن قواعدنا الانتخابية تمنحهم قوة تمكنهم من الحصول على القوة السياسية الحقيقية والاحتفاظ بها. وأثبتت ظاهرة ترامب أنه لا يتعين توصيل الفوائد للاحتفاظ بالناخبين في معسكرك، بل كل ما يتعين عليك القيام به هو إلحاق الضرر بالجماعات غير المفضلة واستهدافهم وإظهار ذلك.

*صحفي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/01/14/opinion/trump-farm-subsidies.html