لأنها تأسست على نهج الخير والعطاء وعلى سنّة السبق الدائم لنجدة المنكوبين وإغاثة الملهوفين التي سنّها مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتمسّكت بها القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، كانت دولة الإمارات، وكعهدها، في مقدّمة المبادرين إلى تقديم المساعدة للمتضررين من ثورة بركان «تال» في الفلبين، والساعين إلى تخفيف آثار وتداعيات هذه الكارثة على حياة الناس هناك.
صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، كان كما هو دائماً القدوة الحسنة، وضرب أروع الأمثلة في التعبير عن أسمى معاني الإنسانية وتأكيد ما يتميّز به أهل الإمارات من نبيل الخلق والحرص على التعاطف والتكاتف مع إخوتهم من أبناء البشرية، حيث بادر سموه، فور الإعلان عن انفجار البركان، إلى تأكيد وقوف دولة الإمارات مع الشعب الفلبيني الصديق، واستعدادها لتقديم كل أوجه الدعم والمساعدة في هذه الظروف.
ما تقوله الإمارات يقترن بالفعل، وما توجّه به قيادتها الرشيدة يأخذ طريقه مباشرة نحو التنفيذ على أرض الواقع، وهو ما تمّ خلال اليومين الماضيين، حيث باشرت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ برنامج إغاثي عاجل في الفلبين بتوجيه من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، ومتابعة من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس الهيئة؛ وبادرت بإرسال وفدها بشكل عاجل إلى العاصمة الفلبينية ليقوم على تنفيذ العمليات الإغاثية هناك، وتوفير الاحتياجات الملحة من السوق المحلية، وتنظيم جسر جوي لنقل المؤن والمستلزمات الأخرى المتوافرة لدى الهيئة إلى المناطق المتضررة.
التوجيهات والأوامر السامية لم تقتصر على توفير وتقديم المساعدات، بل شملت أيضاً العمل على مواكبة الاحتياجات اللازمة للمتأثرين وتقديم أفضل الخدمات لهم، وتعزيز استجابة الهيئة وقدراتها على التخفيف من المخاطر التي قد تواجههم؛ وهو ما يعني أن وقفة الإمارات وهبّتها تتضمنان الإجراءات العلاجية والوقائية معاً، وهو ما قَلّ أن تتضمنه برامج الإغاثة العالمية في مثل هذه الظروف.
مسيرة العطاء والبذل الإماراتية لأجل سعادة الإنسان تستند إلى فطرة سوية وعقيدة سليمة بعيدة عن أمراض التعصب والغلو، وتنطلق من قناعة راسخة بالرسالة السامية التي تحملها، والتي تسعى لنشر الخير والمحبّة والسلام بين بني البشر، وبذل كل جهد ممكن لرفع المعاناة عن كاهل المنكوبين والمعوزين، على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وأديانهم؛ انطلاقاً من وحدة الإنسانية، وترسيخاً لقيم نبذ التمييز ورفض التفريق بين الناس، حتى امتدت أياديها البيضاء إلى أقاصي المعمورة لتمسح دموع وآهات المرضى، وتداوي جراح المتضررين من الكوارث والحروب، ولتظلّ أعمالها وإنجازاتها في هذا المجال شاهداً على حضارة ورقي هذه الدولة وقيادتها وشعبها، وعلى نبل وكرم أهلها وحرصهم على أن يكونوا دائماً في مقدّمة الخيّرين الساعين إلى سعادة الإنسان.
تقدير الإنسان وتقديس حياته وتسخير الموارد والإمكانات لمصلحته، وعدم ادخار جهد أو وقت أو مال في سبيل دفع الفاقة والحاجة عنه، خُلق إماراتي رفيع وأصيل أكسب هذا الحمى العربي مكانة متقدّمة ومكنها من أن تحتل مواقع الصدارة في مجال تقديم المنح والمساعدات، وأكسب شعبها محبة واحترام شعوب العالم قاطبة، خصوصاً أنها سباقة في تلبية نداء الإنسانية، ونجدة الأخ والصديق دون انتظار ردّ أو شكر.
نعم، ستبقى دولة الإمارات نبعاً يفيض بالخير العميم ليصل إلى شتى بقاع المعمورة ومشعلاً ينير الدرب للراغبين بالسير على طريق الخير والعطاء، ونبراساً تهتدي به الأجيال وتتعلم منه معاني النبل والكرم، وسيظل «عيال زايد» على مرّ الزمن عوناً وسنداً لإخوتهم في الإنسانية يبذلون بلا مِنّة، ويبادرون دون تردد، ويصلون إلى حيث يعجز الآخرون.
عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية