أكد علماء أميركيون هذا الأسبوع ما يعرفه أي شخص مهتم بشؤون المناخ، وهو أن العقد الثاني من القرن الـ21 أكثر عقود الكوكب حرارة، وأن عام 2019 ثاني أكثر الأعوام المسجلة حرارةً.. وهو ما تجلى في ذوبان ثلوج جرينلاند، وموجات الحر في شمال أوروبا، والعواصف والفيضانات التي ضربت عدة جزر وسواحل، وحرائق الغابات في مناطق منكوبة بالجفاف في أنحاء من العالم.
وذكر تقرير لـ«واشنطن بوست» (15 يناير الجاري) أن «19 من بين 20 عاماً هي الأكثر حرارة كانت في العقدين الماضيين. ويحمل توجه ارتفاع الحرارة علامات واضحة للنشاط الإنساني الذي ينفث عشرات ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي كل عام». واشتركت في نشر النتائج وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، وهما وكالتان في حكومة يتزعمها رئيس اشتهر بتشككه في تغير المناخ. لكن الكم الهائل من البيانات والتحليلات العلمية، يقوض الموقف السياسي للبيت الأبيض. ونقلت «واشنطن بوست» عن الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أن ارتفاع حرارة الكوكب تسارع في العقود الأربعة الماضية مقارنة بمطلع القرن العشرين.
وذكر الناشط البيئي البارز ديفيد اتنبورو، للبي بي سي، أن «لحظة الأزمة قد حلت»، وأن الدراسة العلمية تلو الأخرى توضح تزايد حرارة الكوكب بمعدلات مدهشة جراء النشاط البشري، وأنه يتعين اتخاذ إجراءات حكومية واسعة النطاق لتفادي كارثة تتربص بالكوكب.
وقد انتهت أحدث جولة من محادثات المناخ برعاية الأمم المتحدة بخيبة أمل، وتحسّر النشطاء على ضعف طموح بعض الحكومات. لكن هناك الآن علامات على التغير. فقبيل منتدى دافوس المنعقد حالياً، وضع المجتمعون تقريرهم السنوي عن المخاطر العالمية، ولأول مرة منذ انطلاق المنتدى قبل 15 عاماً أشار إلى أن «المخاوف البيئية تهيمن على المخاطر الكبيرة طويلة الأمد»، بما فيها المخاوف من الضرر الناتج عن تزايد الاضطرابات المناخية المتطرفة، وفشل الإجراءات البيئية التي تتخذها الحكومات في تخفيف حدة المخاطر المناخية، وتزايد الكوارث البيئية الناتجة عن النشاط البشري.
وصرّح «بورجي بريندا»، رئيس المنتدى، بقوله: «هذا هو العام الذي يتعين فيه على زعماء العالم العمل مع كل قطاعات المجتمع، ليس من أجل النفع قصير الأمد فحسب، بل لمعالجة المخاطر عميقة الجذور».
وتخيم ظلال تغير المناخ على جلسات دافوس، حيث ستتحدث «جريتا تونبيرج»، الناشطة السويسرية الشابة، في اليوم ذاته الذي يلقي فيه ترامب كلمته. وقد كتبت مؤخراً أنه «ينبغي أن يكون من مصلحة كل شركة وحامل أسهم التأكد من أن الكوكب الذي يعيشون عليه سينتعش. لكن التاريخ لا يوضح لنا رغبة عالم الشركات في تحمل المسؤولية».
وربما يحاول بعض مدراء الصناعة والشركات إثبات خطأ توقعات تونبيرج في ظل سعي المنتدى لتنسيق جهود القطاع الخاص للمساعدة في تحقيق الأهداف التي وضعها اتفاق باريس للمناخ عام 2015.
ومازالت هناك فجوة كبيرة بين قطاع الشركات الذي يتزايد إدراكاً بمدى تأثير تغير المناخ عليه، وبين النشطاء الذين يرفعون أصواتهم من أجل تحرك جذري لحماية البيئة. وقد كتبت تونبيرج: «أي شيء أقل من التوقف فوراً عن الاستثمار في صناعة الوقود الأحفوري، سيكون خيانة للحياة».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»