دعونا لا نذهب إلى الحرب مرة أخرى. دعونا لا نذهب إلى حرب لأننا لا نستطيع تحمل كلفة «الفوز» بحرب أخرى. فلن يكون ثمة فوز في هذه الحرب. هناك الخسارة فقط، بكلفة باهظة جداً لكل الأطراف – من حيث الأرواح والأموال، ومن حيث الفرص المهدرة لحسن استغلال وقتنا ومواردنا الجماعية على هذا الكوكب.
إنني أتحدث هنا عن حرب مع إيران. ولكنني أصدر التحذير بشكل عام أيضاً. احتفظوا بهذه الصفحة وعودوا إليها، كتذكير، متى بدأت طبول الحرب تقرع من جديد: إن الحرب ليست مأساوية فحسب، ولكنها باتت أيضاً غبية وعديمة الجدوى على نحو متزايد.
كنتُ أعتقد أن جدوى الحرب ربما استُوعبت من قبل معظم السياسيين الأميركيين بحلول هذا الوقت. ولا شك أن أحد الجوانب المشرقة النادرة في دونالد ترامب كمرشح، كان نأيه عن عقيدة بوش- تشيني لما بعد 11 سبتمبر، التي كرست نزعة التدخل العسكري الأميركية. وفي نفوره الواضح من «الحرب التي لا نهاية لها»، كان شعور ترامب ينسجم مع شعور الجمهور – فقد أظهر استطلاع للرأي أنجزه مركز «بيو» هذا الصيف، أن معظم الأميركيين، بمن فيهم معظم قدماء الحرب العسكريين، يعتقدون الآن أن حربينا في أفغانستان والعراق لم تكونا تستحقان أن تخاضا. وبدا أن ترامب يتبع تحذير الجمهور الصيف الماضي، عندما أقدم فجأة على إلغاء ضربة ضد إيران، رداً على إسقاطها طائرة مسيرة أميركية للمراقبة.
غير أنه في قتل قاسم سليماني، أهم قائد عسكري إيراني، فتح ترامب الباب أمام حرب، ودوامة من التصعيد تبدو ممكنة – حتى وإن أخذ ترامب يتراجع عن تصعيد الوضع في الوقت الراهن. لقد بدأ الأمر يبدو أشبه بـ2003 من جديد، حيث أخذ بعض من المعلقين والسياسيين أنفسهم الذين أيدوا حرباً مع العراق يكررون النقاط نفسها بخصوص إيران.
وكيف لأي شخص عاش مستنقع العراق وأفغانستان أن يعتقد أن حرباً جديدة لن تكون طويلة ووحشية؟ في ذينك النزاعين، تعثرت قوة أميركا العسكرية الماحقة بالثقافة والجغرافيا المحليتين وبالتنافس العرقي والديني، والأكثر من ذلك، بتصميم عدو متخندق وملتزم يمكن أن يذوب في السكان المحليين ويختلط بهم.
ومع أن الولايات المتحدة تنفق على الجيش أكثر من البلدان التسعة التالية مجتمعة، فإننا لم نستطع شراء كثير من السلام من خلال القوة. وهذا لأنه من الواضح أن سنواتنا في العراق وأفغانستان كشفت نقاط ضعفنا.
ومن بين نقائصنا الأخرى، ما زال جيشنا يتزود بتكنولوجيات دفاع كبيرة وقديمة في الغالب (مثل حاملات الطائرات وقاذفات القنابل) من المجمع الصناعي العسكري، رغم أن الكثير من هذه التكنولوجيات تواجه التقادم أمام مستقبل الذكاء الاصطناعي، وروبوتات ساحات المعارك غير المأهولة، وأسلحة سيبرانية أخرى. وجهود بلدنا لتبني تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الجيش قد لا تكون كافية للتصدي لمنافسينا، مثل روسيا والصين.
وخلاصة القول إن الولايات المتحدة تمتلك الهيمنة على مياه العالم ومجاله الجوي، ولكن سيطرتنا محدودة ومختلف عليها. وقد أوضح العقدان الماضيان أن الحرب ليست بسيطة البتة، حتى بالنسبة لأميركا. ولهذا، علينا أن نخشاها. وعلينا أن نتجنبها.
كما علينا أن نبحث عن أشياء مثمرة أكثر لنفعلها بأموالنا وحيواتنا، مثل جعل الحياة على الكوكب صالحة للعيش أكثر، وليس أقل.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/01/09/opinion/iran-war-us.html