لكل بلد هويته وشخصيته الاعتبارية، وهوية الإمارات الراسخة التي تتميز بها تتمثل في مجموعة من القيم، وعلى رأسها الإنجاز والاستدامة واستشراف المستقبل والحفاظ على الروح الاتحادية التي توجه بوصلة مجتمع الإمارات. وقد جاء التزامن بين بدء عام الاستعداد للخمسين وبين إطلاق الهوية الإعلامية المرئية لدولة الإمارات موفقاً، وحاملاً لمؤشرات بارزة حول ارتباط الهوية الإماراتية بالتفكير في مستقبل الأجيال. وعام الاستعداد للخمسين هو مساحة للتأمل والتخطيط بنظرة ثاقبة، بهدف الوصول إلى مئوية الاتحاد، وقد تحقق للوطن والمواطن الإماراتي ما يضمن جودة الحياة ومواجهة التحديات وتحقيق المزيد من الأرقام التنافسية العالمية.
صحيح أن ما تحقق حتى الآن يبعث على الفخر، لكن يبقى الطموح نحو تحقيق المزيد إحدى مميزات الإمارات. لذلك ما إن تم الانتهاء من تفعيل آليات وتشريعات ووثائق عالمية لتعزيز قيم التسامح والتعايش في العام المنصرم، حتى تم الإعلان عن عام الاستعداد للخمسين سنةً القادمة، بما ينسجم مع الروح الإماراتية المتوثبة دائماً نحو المستقبل. وقبل أيام أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، الهوية الإعلامية المرئية لدولة الإمارات العربية المتحدة بشكل رسمي، بعد أن فاز تصميم الخطوط السبعة بالاختيار النهائي.
وقد ينظر البعض إلى الرموز والشعارات التي تخص الدول باعتبارها أيقونات رسمية، لكن طبيعة التلاحم في الإمارات، يجعل من شعار اللامستحيل مقترناً بالهوية الإعلامية المرئية للدولة حافزاً لكل إماراتي على الإبداع، ومواصلة التلاحم مع القيادة. لأن كل خطوة جديدة لها صلة بتعزيز مستقبل أجيال الغد.
إن ثقافة اللامستحيل التي تتمسك بها الإمارات، تعتبر كلمة السر ومفتاح النجاح في كافة المجالات، وخاصة أن ظروفاً إقليمية وعالمية تجعل من ثقافة الإنجاز والتنمية المستدامة تحدياً استثنائياً. لذا كان اختياراً موفقاً أيضاً أن يقترن الإعلان عن الهوية الإعلامية المرئية للإمارات مع الشعار المرافق لها «لا شيء مستحيل» (make it happen).
ودائماً نقول إن الإمارات اعتادت على ثقافة العمل والإنجاز والأفعال وليس الأقوال. وتمهيداً للنقلات المستقبلية في قطاعات استكشاف الفضاء، سوف تكون الإمارات على موعد مع إطلاق مسبار الأمل. وفي قطاع الطاقة النظيفة، يترقب العالم بدء تشغيل أول مفاعل نووي إماراتي. هذه المكتسبات التي لو تحدّث بها أحد الأجداد أو الآباء لاعتبرها الكثيرون في الماضي تندرج في خانة المستحيل. لذلك تقترن هوية الإمارات بشعار «لا شيء مستحيل»، وله دلالات يعرفها من عاشوا ماضي الإمارات ومرحلة إعلان الاتحاد في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه حكام الإمارات، الذين كان لهم الفضل في وضع مداميك الاتحاد وغرس جذوره في أفئدة الإماراتيين، الذين وجدوا المستقبل والنهضة والشموخ في الاتحاد والتلاحم مع القيادة.
شعار هوية الإمارات المعلن عنه «الخطوط السبعة»، يدل -كما هو واضح- على الإمارات السبع والمؤسسين السبعة، ويشير إلى الإصرار المستمر على تحقيق المزيد من الإنجازات، على أيدي الأجيال التي ولدت وعاشت في ظل الاتحاد، الذي يعكس الجذور العميقة لتلاحم أبناء الإمارات، كما يظهر في ملامح أهلها وكفاحهم، إلى أن تم تحقيق فكر زايد وحلمه الاتحادي.
وبالعودة إلى ما سيشهده العام الجاري (2020) في إطار فعاليات عام الاستعداد للخمسين، فقد أصبحت آليات التخطيط والتنفيذ في دولة الإمارات تسير على خطى مؤسسية وعلمية راسخةً، وكل مناسبة أو رؤية جديدة تشكل حافزاً إضافياً لدوران عجلة الإنتاج. وعندما نتحدث عن الاستعداد للخمسين، فإن الإمارات تخطط وتستشرف المستقبل على المدى البعيد، على خلفية عقود من الإنجازات والنجاحات التي تحققت تحت شعار «البيت متوحد».
وقد يشير البعض إلى الظروف الإقليمية التي تعيد ترتيب أولوية المجتمعات من حولنا، لتضع السلام والاستقرار في المقدمة. بينما ترى الإمارات بنهجها القويم وحكمة قيادتها الرشيدة، أن التنمية والنهضة وصنع المستحيل، كلها مفاتيح مناسبة لدفع الشعوب إلى التفكير والعمل من أجل المستقبل. فالكثير من المكتسبات العالمية والإنجازات الحديثة، تم التأسيس لها في ظروف دولية غير ملائمة. وعلى العكس مما يتصور البعض، فإن غياب التنمية وضعف استثمار الموارد أحد أبرز أسباب الإحباطات التي تقع فيها كثير من المجتمعات.
ومَن يتابعون تجربة الإمارات الاقتصادية، يدركون تماماً أن التخطيط الجيد للمستقبل، والاهتمام بالإنسان والتعليم وبالبنية التحتية والمشروعات القائمة على الاستدامة، كل هذه الخطوط الأساسية تمثل مرجعيات إماراتية للإنجاز والنجاح.