في العقد الثاني من القرن الحالي، كان تعطل الصناعة بسبب الإنترنت من الأمور الاستراتيجية التي تطال الأنشطة الاقتصادية، لكن مع حلول عام 2020 تتلاشى هذه الحقبة فيما يبدو. فإلى حد كبير، أصبح المتسبب في العرقلة هو المؤسسة الجديدة. وأصبح الإنترنت اليوم تكنولوجيا التيار الرئيسي الناضجة.
ولم يكن الحال كذلك قبل عشر سنوات. ففي عام 2009، كانت هناك عدة صناعات في قلب حالة اضطراب نتيجة عمليات تحول مكن منها الإنترنت. وكان الآيفون في عامه الثاني فحسب. وفي صناعة الموسيقى، كانت الأقراص المدمجة تمثل أكثرية العائدات ومعظم الباقي كان يأتي من المبيعات الرقمية. والبث سواء كان في الموسيقى أو على «نتفليكس» كان في بدايته. وكنا في غمرة انتقال من الإعلانات المطبوعة إلى الإعلانات الرقمية. وكان 2009 هو العام الأخير الذي حصدت فيه صناعة الصحف عائدات أعلى من جوجل وكان أيضا العام الأخير الذي قلت فيه عائدات إعلانات فيسبوك عن مليار دولار. وكانت التجارة الإلكترونية تتصاعد. وكانت «يوتيوب» تشتهر غالباً بمجموعة من المقاطع المصورة واسعة الانتشار.
لكن اليوم تغير الكثير. أصبحت صناعة الموسيقى هي صناعة البث مع تراجع مبيعات وأهمية الأقراص المدمجة والمبيعات الرقمية، ونمو الصناعة الآن تدعمه الاشتراكات. وبدايةً من بضع سنوات سابقة، بدأت العائدات الإجمالية في النمو مرة أخرى بعد 15 عاماً من التراجع. وربما كانت صناعة الموسيقى أول ما تعرض للتهديد نتيجة عملية العرقلة ذات الصلة بالإنترنت في نهاية تسعينيات القرن الماضي مع نمو مشاركة ملفات إم. بي.3 وظهور موقع «نابستر» لكنها الآن ربما تكون أول صناعة أتمت تحولها بعيداً عن هذا الخطر.
وصناعة الإعلان تعرضت لتحول كبير على يد جوجل وفيسبوك. وفي بداية العقد الثاني، أي في 2010 كان هناك رسم بياني شائع أظهر أن عائدات الإعلان على الإنترنت مثلت نصيبا من إجمالي عائدات الإعلان أصغر بكثير مما مثله استخدام الإنترنت من الوقت الإجمالي المنفق على محتوى المستهلك. والعكس كان صحيحا لوسائل الإعلام المطبوعة والإعلانات المطبوعة. واليوم تقاربت الفجوة. فإعلانات الراديو والإعلانات المطبوعة تمثل الآن 15% فقط من الإنفاق على الإعلان.
وربما لم تتضرر صناعة من الإنترنت في هذا العقد أكثر من البيع بالتجزئة في المتاجر. فقد واصلت التجارة الإلكترونية الاستحواذ على نصيب من السوق. وأفلس عدد من شركات البيع بالتجزئة، لكن مراكز التسوق الكبيرة جددت نفسها بإضافة مطاعم وشقق سكنية وفنادق. والتجارة الإلكترونية بدأت تحصل على نصيبها من العناء نتيجة الكلفة المرتفعة للاستحواذ على المستهلك مع تصاعد أسعار الإعلانات على الإنترنت، وتجد بعض شركات الإنترنت أن بناء متاجرها الخاصة «مجد اقتصادي». ومستقبل التسوق أكثر تعقيدا من مجرد تحطيم التجارة الإلكترونية للمتاجر التقليدية.

وبالنسبة لبث المقاطع المصورة، فرغم أنها ربما تنجح في القضاء على شراء اشتراكات القنوات الكابلية، لكنها لا تتعرض لتحول كالذي تعرضت له قبل بضع سنوات. فالاشتراك في خدمات بث متعددة قد يكلف سريعا أموالا أكثر من شراء حزم الاشتراكات في القنوات الكابلية. ودأبنا على الشكوى من أن لدينا مئات القنوات الكابلية، ولا نجد شيئا يستحق المشاهدة. والآن نمر بالتجربة المحبطة ذاتها مع تصفحنا لموقع «نتفليكس»، حيث نجد صعوبة في العثور على شيء يستحق المشاهدة. ومن المرجح أن يكون الفائزون هم من ينجحوا في تقديم أفضل محتوى بأكبر قدر ممكن من سهولة الاستخدام دون أن يأتوا بانفراجة في التكنولوجيا.
ونضج الإنترنت لا يعني أن العقد التالي لن تكون به عراقيل. فصناعات الطاقة والسيارات ينتابها الشعور ذاته الذي انتاب الصناعات ذات الصلة بالإنترنت قبل 10 سنوات أو 15 سنة مع احتمال انتزاع الطاقة الشمسية والسيارات الكهربائية نصيبا كبيرا من السوق من الوقود الأحفوري والسيارات التي تعمل بالبنزين في العقد الثالث من هذا القرن. لكن هذه التأثيرات ستكون أكثر تعلقا بالصناعة ذاتها على الأرجح. وعالم الاقتصاد بصفة عامة ربما لن يشعر فيما بعد بالقلق من احتمال أن تحطم تكنولوجيا جديدة مدعومة بالإنترنت شركة بين عشية وضحاها.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»