شاهدت، من خلال عملي، بعض التكنولوجيات العسكرية المذهلة، مثل الأسلحة شديدة السرعة، التي تخترق ما كان يبدو اختراقه مستحيلاً من الدفاعات وأسراب الطائرات المسيرة الصغيرة، التي تُلقي بها الطائرات المقاتلة، كما أحتفظ بتذكار من هذه الأسلحة العجيبة في مكتبي، وهناك شيء استثنائي انضم إلى هذه التذكارات، وهو لوحة مرحاض من طائرة الشحن (سي-5 سوبر جالاكسي)، إنها قطعة من البلاستيك المسبوك غريبة الشكل، وهي في حجم جهاز تحميص الخبز، وعملها المتخصص في احتواء مياه الصرف مهم وليس رفاهية، لكني أحتفظ بها في مكتبي، لأنها تمثل تقدماً ملحوظاً في شراء قطع الغيار العسكرية، فبفضل استخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، أنتج مهندسونا في القوات الجوية هذه اللوحة مقابل 300 دولار، ووفروا 8200 دولار مقارنة بأسعار السوق المفتوحة، التي كنا ندفعها عبر وكالة الدعم اللوجستي للدفاع.
ورغم أن جيشنا يمتلئ بالعتاد المتقدم، مثل طائرات التجسس وغرف الطوارئ الطائرة، فهناك جانب من شراء الأسلحة، نادراً ما يجري إلقاء الضوء عليه، وهذا الجانب يتعلق بصيانة الأنظمة القديمة، مثل الطائرة المذهلة (سي-5) للشحن، التي دخلت الخدمة عام 1969، تنقل أثقل العتاد العسكري، بما في ذلك الدبابات والطائرات الهليكوبتر، ويجب أن تكون في حالة استعداد للحرب على مدار الساعة، وهذا التأهب يمثل ما يقرب من 70% من الكلفة الإجمالية لامتلاك الأسلحة، وفقاً لتقدير مكتب المحاسبة الحكومية، وبالنسبة للطائرات البالغ عددها 52 طائرة من طراز (سي-5) من القوات الجوية، فهذه الكلفة تبلغ ما يصل إلى نحو 620 مليون دولار في العام.
لكن الطائرات المستعدة للإقلاع تمثل خطاً فاصلاً بين القوة الجوية الجاهرة للقتال في الحال، وبين مجرد عرض جوي، ولأن الولايات المتحدة تريد الجاهزية للقتال، فإننا نتحمل هذا الجانب المكلف للدفاع منذ عقود، والطائرات الحربية مثل سي-5، والطائرات كي. سي-135 لإعادة التزود بالوقود في الجو، وطائرة القصف بي-52 تلعب أدوراً لا غنى عنها في دفاعنا القومي. لكن كثير من هذه الطائرات أكبر سناً إلى حد كبير من طياريها، ولو كانت هذه الطائرات سيارات، لكانت ضمن مجموعة عشاق مقتني الطرز القديمة، وهي مثل السيارات القديمة، تتزايد صيانتها كلفة، في ظل عجز المتوافر من قطع غيارها، لكنها، على خلاف السيارات، تقف في الخطوط الأمامية القتالية كل يوم، وليست متوقفة في مرأب لتكون جاهزة لرحلات أيام العطلة فحسب، لكن تكنولوجيا تصنيع جديدة تقف حالياً في موضع، يؤهلها لأن تغير هذا بطريقة يجعل عملية الصيانة سلسة، ويوفر الأموال الاتحادية.
وقوانين العرض والطلب تعمل حالياً ضد جيشنا، عندما يتعلق الأمر بقطع الغيار القديمة، كما يعلم ذلك جيداً عشاق اقتناء السيارات القديمة، والعملية تبدأ بتحفيز الشركات على أن تأخذ رسوماتنا ثنائية الأبعاد لتصنع منها نماذج ثلاثية الأبعاد، ثم تنتج آلات تجريبية، وتفحص معايير عسكرية متعددة- مثل نقطة الاحتراق ونقطة الانصهار وغيرها- ثم تخصص العتاد والأيدي العاملة لإنتاج كميات صغيرة، لن نعاود طلبها على الأرجح لسنوات طويلة، والعرض -وهو غير متوافر- والطلب- وهو ضروري لنا- يقتضيان منا مواصلة رفع أسعار العرض حتى نحفز منتجاً، حتى يصل السعر 8500 دولار، كما في حالة لوحة مراحيض طائرة (سي.5)، ويعلن مصنعون أن عملية إعادة الإنتاج لن تكون مجزية بأقل من هذا السعر.
وحتى مثل هذه الأسعار المدهشة في ارتفاعها لا تحفز الشركات، وبياناتنا تشير إلى أن أكثر من 10 آلاف طلب على قطع غيار تأخر توريدها أو لم تورد كل عام، رغم استعدادنا النسبي لدفع أسعار مرتفعة هناك، ما يسوغ أن تطالب بها الشركات، وإذا كان المرء يتساءل عن السبب الذي جعل مقبض باب حاجز الضغط في الطائرات يكلف القوات الجوية أكثر من 2600 دولار في عام 2018، فالإجابة أن المصنعين لم يقدموا عروضاً بالإنتاج حين كان السعر أقل من هذا، ونحن الآن نوفر الوقت والمال بتصنيع هذه المقابض من التيتانيوم مقابل 188 دولاراً، وفي عامين، انتشرت الطباعة ثلاثية الأبعاد عبر القوات الجوية.
والآن، ننتج بطريقة الطباعة الثلاثية الأبعاد آلاف القطع من أجزاء الطائرات، مما يقلص كلفة التشغيل بعشرات الملايين، بينما يجعل الطائرات تعود إلى القتال بشكل أسرع، والحاجة ماسة، فعلى سبيل المثال، هناك ثلاث طائرات (سي-5) متوقفة تنتظر تغيير أنابيب العادم، لأن عرضنا للشراء قدم أكثر قليلاً من 430 ألف دولار، مقابل ثماني وحدات، وهو ما لم يغر مورد واحد لمدة شهور، مما جعلنا ننتزع قطع غيار من طائرات خرجت من الخدمة في مخزن بقاعدة (ديفيس-مونثان) الجوية، وحين استقبلنا عرضاً في نهاية المطاف، كان أقرب موعد للتسليم بعد 34 أسبوعاً.
ولا غرابة، أن نعمل جادين في إنتاج أنابيب العادم تلك بطريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد في المستقبل، لكن التأكد من معايير السلامة الحيوية في أجزاء الطائرات يتطلب درجة الدكتوراه في الهندسة، والاختلاف من طابعة لأخرى قد يؤدي إلى عيوب ليست موجودة في الصناعة التقليدية، وفهم العيوب الدقيقة التي تتفاقم تحت تأثير الضغط في الرحلة محوري في السلامة ويستغرق بعض الوقت، وهذا كان عاملاً محفزاً للقوات الجوية، على أن تستضيف أول أولمبياد للتصنيع المتقدم، الصيف المقبل، لتعزيز الوعي بهذه التحديات، ومكافأة كل من يقدم حلولاً.
والخلاف بين منتجي قطع الغيار ومستخدميها ليس كبيراً دوماً، فجيش «يوليوس قيصر» استطاع صنع السيوف والسهام وإقامة الجسور على مبعدة مئات الأميال من الوطن، وفي عصر قريب مثل الحرب العالمية الثانية، كان لدى الولايات المتحدة عدد كبير من صناع المعدات العسكرية في المنازل لإنتاج قطع الغيار، ومن الصعب تخيل أن تستكمل حاملات الطائرات قدرات التفوق في القتال بغير المتخصصين في ميكانيكا الطيران، وصانعي المعادن الذين ينتجون ويصلحون قطع غيار الطائرات بعيداً عن أرض الوطن، والتصنيع المتقدم يعيد من جديد دور التصنيع العسكري هذا إلى القوات الجوية.
ونتوقع بالفعل، توفير مليارات الدولارات، والمبادرات الجديدة مثل اعتماد الطابعات بدلاً من اعتماد المنتج النهائي، سيسمح لنا بتوفير المزيد من القطع التي نفدت من المخازن، وهدفنا هو أن نتمكن من إنتاج قطع غيار عن طريق الطابعات، بما يسمح بعملية إعادة إنتاج قطع غيار باستمرار مع تغير تكنولوجيا الطباعة، لكننا لا نريد أن نمضي في هذا الطريق وحدنا، نريد أفضل المحترفين في التصنيع، أن ينضموا إلينا الصيف المقبل، ويساعدونا في إنهاء الأيام التي كانت فيها الطائرات لا تستطيع الإقلاع، بسبب الافتقار إلى قطع الغيار.
*ويل روبر

*مساعد وزيرة سلاح الجو الأميركي للمشتريات والتكنولوجيا والدعم اللوجستي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيوج نيوز سيرفس»