تتصف ردود فعل الناس عادةً بحمية شديدة تجاه الموضوعات السياسية، ولذا قررت أن أقدم تقييماً للسنوات العشر المنصرمة، عن طريق فحص مجال أقل حزبية، لكنه ليس أقل تنويراً، فقد اخترت الثقافة، ولنبدأ بالموسيقى التي استمتعت إليها على مدار الأسابيع القليلة الماضية، ففي ديسمبر من كل عام، أشتري الألبومات التي تظهر في قوائم «الأفضل» المختلفة، وهذا العام كانت مجموعة الأسطوانات التي اشتريتها، سجلها نساء مثل: «بيلي ايليش»، و«أنجل أولسن»، و«شارون فان ايتين»، و«لانا ديل ري»، و«تايلور سويفت»، و«جيني لويس» وأخريات، ولم يكن الحال هكذا قبل عشر سنوات، وهذا ينقلني إلى ما اعتبره التوجه رقم واحد في العالم لهذا العِقد، إنه تزايد نفوذ النساء.
وإذا نظرنا إلى أفضل عشرة كتب مبيعاً في العقد، سنجد كل أبطالها من النساء، والكتب السبعة في القمة من تأليف نساء، وفي التلفزيون، شاهدت أنا وزوجتي الأسبوع الماضي بعض حلقات من مسلسل The Watchmen (الحراس) على شبكة «أتش. بي. أو»، وهو مسلسل يشغل اهتمام كثيرين من أصدقائنا، وحتى الآن، فإن البطل الرئيسي امرأة، وآخر فيلم شاهدته كان The Rise of Skywalker (صعود سكاي ووكر)، وبطل الفيلم امرأة، ويجب أن أذكر أن الألبومات والكتب والأفلام أعجبتني كثيراً، وأنني تلقيت كل هذا المنتج الثقافي، دون أن أبحث عامداً عن أبطال من النساء في الأعمال الإبداعية أو عن مؤلفات من النساء.
وفيلم «صعود سكاي ووكر»، من المرجح أن يكون واحداً من أكبر أفلام العام، وهو يعكس بعض التوجهات الثقافية الأخرى أيضاً، فديزني لاند ما زالت قائمة، وأقوى مما كانت عليه من قبل، والفيلم يمثل الجزء التاسع من ملحمة «حرب النجوم»، التي لها منتج ثانوي جديد في التلفزيون حالياً، وهو «ماندالوريان»، والصعود المتواصل لهذه العروض يعكس إرهاقاً ما في الإبداع في هوليوود، فكثير من الأفلام البارزة هذه الأيام سلاسل لأعمال كبيرة مستقاة من كتب الرسوم الكاريكاتورية أو الروايات أو عروض التلفزيون، وفي المقابل، توقف فيلم «العراب» عند الجزء الثالث، ولا يمكنني أن أتخيل أن المخرج «الفريد هتشكوك» كان سينتج جزءاً تاسعاً من فيلم Rear Window (النافذة الخلفية)، لكن هذه الأيام تهيمن الأجزاء والأفرع، مما يعكس مدى صعوبة لفت انتباه الجمهور، في وقت يتمتع فيه الجمهور بأكبر قدر من الاختيارات.
وفي وقت سابق هذا الشهر، ذهبت لأشاهد مباراة لكرة السلة، وكان فريق «نيويورك نيكس» يلعب أمام فريق «اتلانتا هاوكس» في مركز «ماديسون سكوير جاردن»، كانت المشاهدة ممتعة، وبنهاية الشوط الأول، سجل فريق نيكس- وهو واحد من أضعف الفرق في الدوري- 77 نقطة، وهو ما كان يجب أن يكون كافياً للفوز قبل 20 عاماً، وكان هناك عدد كبير من الرميات الحرة التي تسجل ثلاث نقاط، لكن القليل من التسجيل بعد المراوغة الفردية بالكرة، ومثل كثير من النواحي الثقافية الأخرى في الحياة الأميركية، دخلت الرياضيات الاحترافية معمعة البيانات في العقد الثاني من القرن العشرين، وفي دوري كرة السلة الأميركية للمحترفين، تشير الأرقام إلى أن الفرق تحظى بفرص أفضل في الفوز، إذا حصلت على عدد أكبر من الرميات الحرة.
كما أصبحت أنظر إلى صعود عمليات التحليل الرقمية نظرة أكثر إيجابية، وكما في أمور أخرى، سيكون من الممتع أكثر أن نتابع الرياضة عبر الإنترنت، ورغم هذا، يمكن التلاعب بالأعداد واستغلالها، كما كان الحال دوماً في السياسة ومواقع التواصل الاجتماعي، فماذا عن وسائل التواصل الاجتماعي التي ربما تمثل قائداً ثقافياً؟ ففي الآونة الأخيرة، حصلت تغريدة على تويتر، تعود إلى شهر أكتوبر، على أكثر من 1.1 مليون إعجاب، وهو أكبر رقم من الإعجاب رأيته طوال العام.
وهذا ينقلني إلى ثاني أهم توجه في هذا العِقد، وهو مقدار ما ننفقه من وقت محملقين في الشاشات، وهي في الغالب شاشات أجهزتنا المحمولة، الشاشات تنقل إلينا ببساطة قصصاً أكثر تشويقاً عما تفعله معظم المجالات الأخرى في حياتنا، ومن المؤكد أن هناك توجهات محورية أخرى، منها على سبيل المثال، استمرار انخفاض معدلات الفائدة، مما يجعل كثيراً من الخيارات السياسية أسهل بكثير، وهناك الحركة غير المتوقعة للتحسن في الصحة العامة حول العالم، لكن من الواضح أن أكبر تأثيرين ثقافيين في السنوات العشر الماضية هما النساء والشاشات، وهذا بالنسبة لي، يمثل إضافة إلى عقد مشوق إلى حد كبير.

*أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ميسون.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»