انفجار ضخم ضرب العاصمة الصومالية مقديشو قبل يومين، أوقع عشرات القتلى والجرحى من الصوماليين وغالبهم من طلاب الجامعة، وهو من تدبير الجماعة الإرهابية الأشهر في الصومال حالياً المعروفة بـ «حركة الشباب»، وهو يأتي ضمن سلسلة طويلة من تفشي الإرهاب في الصومال منذ مطلع التسعينيات وإلى اليوم.
قبل أسبوع فقط، وفي هذه المساحة، كتب كاتب هذه السطور مقالة عن «الإرهاب الذي لم ينته»، وها هو يضرب في السودان مؤكداً يا للأسف كل ما كُتب في ذلك المقال.
معروفة الدول التي تدعم الإرهاب في الصومال، وهي حكومة الرئيس «الإخواني» السابق للسودان عمر البشير، ودولة تركيا، ودولة أخرى، طبعاً بالتعاون مع جماعة «الإخوان» وتنظيم «القاعدة» وغيرهما من التنظيمات بمختلف المسميات.
أما دور الدولة الأخرى فمعروفٌ أيضاً ويكفي التسجيل الذي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، والذي يثبت بما لا يدع مجالاً للشك دعم هذه الدولة لتنظيم «حركة الشباب» الصومالية في تنفيذ العمليات الإرهابية البشعة ضد المواطنين الصوماليين وضد الدولة الصومالية.
أما تركيا، فهي سعت جهدها على إنشاء أكبر قاعدةٍ عسكرية تركية خارج تركيا في الصومال لا لحماية الدولة والشعب الصومالي بل لمصالح توسعية تركية تسعى من خلالها لمحاصرة الدول العربية ودول الخليج تحديداً بقواعد عسكرية واحدةٌ في الصومال وأخرى في قطر، وثالثة كانت تنوي بنائها في جزيرة سواكن بالسودان قبل أن يسقط نظام البشير «الإخواني» ويطردهم الجيش والشعب السوداني شر طردة.
نوايا تركيا في احتلال الدول العربية لم تعد خافيةً على أحد، فهي تحتل مساحاتٍ من الصومال وسوريا، وها هي تتجه بقوةٍ نحو ليبيا، دون حسيب ولا رقيب من المجتمع الدولي، وهي تستخدم في هذا كله المرتزقة من ميليشيات الإرهابيين من تنظيم «القاعدة» وتنظيم «داعش» الذين تربطهم بتركيا علاقات تحالفٍ طويلة وواسعة.
أحد أهم النماذج التي تعتمدها تركيا هو نموذج «الميليشيات المتنقلة»، والمقصود بذلك تلك الميليشيات الإرهابية التي يمكن تحريكها ونقلها من بلدٍ إلى آخر من الدول العربية، وهي اقتبست ذلك من الميليشيات المتنقلة الإرهابية التابعة لإيران التي تتنقل بين إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن، وتسعى تركيا لاستخدام هذه الطريقة لتحقق أحلامها التوسعية المشابهة لأحلام إيران.
نقلت تركيا أعداداً كبيرةً من مقاتلي تنظيم «داعش» المهزومين في العراق والشام إلى ليبيا من قبل، وهي تسعى الآن لنقل ميليشيات المرتزقة الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا، ولكن هذه المرة بشكلٍ علنيٍ وتحت غطاء اتفاق أردوغان مع عميله الصغير في ليبيا  وبقيادة عسكريين أتراك، وهو يتغاضى عن المصير البائس الذي ينتظر جنوده وضباطه على الأرض الليبية.
الشعب الليبي طرد المحتل الإيطالي وكبده أكبر الخسائر حتى أجبره على الخروج مرغماً من الأرض الليبية، وهو ذات الشعب الذي طرد المحتل العثماني قبل المحتل الإيطالي، وهو نفسه الشعب الذي سيطرد عساكر أردوغان المرتزقة المحتلين، وسيكتب نهاية خادم تركيا وحليف الجماعات الإرهابية رئيس حكومة الوفاق.
دفع الغرب طويلاً وزر ترك الصومال لمصيره الأسود والتغاضي عن سيطرة الجماعات الإرهابية على ذلك البلد المنكوب، وصمت طويلاً عن أدوار تركيا وجماعات الإسلام السياسي وتنظيمات الإرهاب في الصومال، ولكن هذا التغاضي والصمت ستكون له نتائج وخيمة في المستقبل.
أخيراً، فمن أهم العوامل التي ستكتب نهاية ديكتاتورية أردوغان مجازفاته ومغامراته غير المحسوبة في التعامل مع الدول الكبرى في الغرب، ومغامراته في احتلال بعض الدول العربية وهو ما سيدفع ثمنه غالياً في المستقبل القريب. وكل عام وأنتم بخير.
*كاتب سعودي