جاء قانون الحماية من العنف الأسري الذي صدر مؤخراً، ليكون أحد أهم التشريعات الضامنة لاستقرار الأسر وتماسكها، لاسيما في ظل وجود تشريعات وسياسات واستراتيجيات سابقة، اعتمدتها دولة الإمارات العربية المتحدة لأجل تحقيق المستهدفات الخاصة في حفظ كيان الأسر، وبما ينعكس إيجابياً على استقرار أفرادها وجعلهم شركاء فاعلين في مسيرة الدولة التنموية. وفي هذا الإطار، يُنظر إلى جهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، بكثير من التقدير والإجلال في مجال مكافحة العنف الواقع على النساء والأطفال، سواء كان ذلك العنف جسدياً أو نفسياً أو معنوياً أو حتى اقتصادياً، وذلك للحد من الظواهر العنيفة، ومعاقبة الجناة قانونياً، حتى يتم ردعهم والتوقف عن التمادي في ممارسة العنف.
ويعدّ قانون الحماية من العنف الأسري سابقة نوعية في دولة الإمارات، كونه يعمل على تطبيق معايير الحماية، من خلال تخويل النيابة العامة نفسها أو تخويل الضحية لها، لإصدار أمر حماية يُلزم المعتدي بعدم التعرض للضحية، وعدم الاقتراب من الأماكن المقررة لحمايتها وعدم الإضرار بممتلكاتها الشخصية، وإجراءات عدّة تضمن توفير الحماية الفاعلة للضحايا أو الأشخاص المحتمل تعرضهم للعنف. كما يسعى القانون إلى وضع حلول جذرية لمشكلة العنف وإبعاد الضحية عن مصدر التهديد، وتوفير حماية فاعلة لها، وذلك باعتباره مكملاً للعديد من التشريعات الوطنية التي تضمن توفير الحماية لضحايا الاعتداءات الأسرية، فهناك مثلاً قانون الأحوال الشخصية الاتحادي الذي يهدف إلى حماية الأسرة وكيانها ويحافظ على روابطها، إضافة إلى قانون «وديمة» الذي جاء اعتماده بهدف حماية الطفل من الاعتداء والتحرش والإيذاء، لتصبح هذه المنظومة التشريعية، وبما نصّت عليه من عقوبات رادعة، إحدى أهم ضمانات حماية أي فرد من أفراد الأسرة من العنف، وتبعده عن مصادر الخطر والتهديد، والحد من شتى أنواع الإهمال والعنف، للحفاظ على الأسرة باعتبارها النواة الأساسية في بناء المجتمع والدولة.
إن إصدار قانون الحماية من العنف الأسري يحمل العديد من المزايا، حيث يوفر الحماية القانونية التي كانت تندرج سابقاً ضمن قانون العقوبات، ليأتي نقلة نوعية تُحسب لدولة الإمارات في جهودها المتواصلة في دعم حقوق المرأة والطفل، ويشكّل سياج وقاية من العنف الأسري بشتى أصنافه، ويضع الجميع تحت مظلة واضحة من التشريعات المنظمة لشؤون الحياة بتفاصيلها كافة، إذ حدد القانون أربعة أفعال تضع مرتكبيها تحت طائلة العقوبات، وهي: الإيذاء الجسدي، والإيذاء النفسي، والإيذاء الجنسي، والإيذاء الاقتصادي، بحيث يعاقَب مرتكبوها بالحبس والغرامة أو بالعقوبتين، ومضاعفتها في حال مخالفة أمر الحماية باستخدام العنف، بما يعزز الترابط الاجتماعي والأسري، ويحمي حرمة الحياة الخاصة بالضحايا، ويحافظ على الموروثات الاجتماعية والأخلاقية والعادات والتقاليد والأعراف في دولة الإمارات.
كما جاء إنشاء قاعدة بيانات موحدة للربط بين المؤسسات والجهات ذات العلاقة بالحماية الأسرية على المستوى الاتحادي، واعتماد نظام موحد للإبلاغ عن الشكاوى، وإنشاء مركز حماية للأسرة لاستقبال وإيواء ضحايا العنف الأسري، وغير ذلك من الإجراءات التي تقع ضمن سياسة حماية الأسرة الخاصة بتنظيم الإجراءات وآليات العمل في المؤسسات العاملة في مجال الحماية الأسرية، بما يعزز تكامل الأدوار بين المؤسسات ويُعلي من مستويات الشراكة بين قطاعات الدولة المتخصصة، ويوحّد المفاهيم الخاصة بالعنف وأشكاله وعناصره، ويسهم في استخلاص المبادرات الساعية إلى معالجة القضايا المرتبطة بالعنف، وبما ينسجم مع تغريدة كان قد أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، قال فيها إننا «لا نتسامح في دولة الإمارات مع أي نوع من الأذى نحو طفل صغير، أو شيخ كبير، أو امرأة ضعيفة».
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.