انطلاقاً من إيمانها بضرورة التعاون العربي العربي، وتعزيز شراكاتها الاستراتيجية في التحديث الحكومي لاستشراف المستقبل، من خلال إعداد قادة من موظفي الحكومات العربية، يملكون أعلى درجات المهارة والتدريب، تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة دورها الإيجابي في تأهيل موظفي القطاع العام في الدول العربية الشقيقة، حيث نظمت الحكومتان الإماراتية والمصرية، مؤخراً، برنامجاً متخصصاً ببناء القدرات في مجالات التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل، بمشاركة 500 من موظفي الحكومة المصرية، وذلك بهدف تعزيز مهاراتهم في عمليات استشراف المستقبل وتحليل التوجهات المستقبلية لوضع التصورات اللازمة لتحسين مستوى الأداء والارتقاء بمنظومة العمل الحكومي في مصر.
ويأتي هذا البرنامج في إطار حرص حكومة دولة الإمارات على تبادل المعرفة والخبرات في العمل الحكومي، ومختلف القطاعات التي تعزز جودة حياة الأفراد والمجتمعات وتنهض بمستويات الرفاه والاستقرار فيها، حيث يُشهد لدولة الإمارات بنجاحها في تبني استراتيجيات استشراف المستقبل والاستعداد لمتغيراته بمناهج علمية وأدوات تواكب التطورات الجارية، وذلك انطلاقاً من اعتبار تلك الاستراتيجيات أولوية لدى القيادة الرشيدة، تدعم الجهود الحكومية في صناعة المستقبل وتسهم في تطوير الحلول المبتكرة في مواجهة التحديات، من خلال تأهيل كوادر بشرية متمكنة ومدربة وقادرة على صياغة المستقبل بأساليب إبداعية.
وتعد «رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071» من أهم الخطط الاستراتيجية التي تستشرف مستقبل القطاعات الحيوية كافة، والتي جعلت من حكومة دولة الإمارات تعتمد سياسات ومبادرات وبرامج تحفّز على الاستعداد للمستقبل، من خلال تطوير وتنمية مهارات ومعارف القوى البشرية لديها، وهو ما لم ينفصل عن سعيها الدؤوب إلى تطوير الكوادر العاملة في الحكومات العربية، حيث نظمت حكومة دولة الإمارات كذلك في القاهرة، في أغسطس الماضي، ورشة عمل متخصصة شارك فيها ما يزيد على 400 موظف حكومي مصري، بهدف تزويدهم بمهارات الاتصال والتنسيق وآليات بناء فرق العمل في الجهات الحكومية المصرية، وذلك لتعزيز الشراكة الاستراتيجية لتطوير الأداء الحكومي المصري، الشراكة التي دشنها الجانبان في أبريل 2018، بما يضمن تحقيق استراتيجية مصر 2030.
إن لدولة الإمارات بصمة واضحة في تطوير الأداء الحكومي الذي تحول إلى أنموذج يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي، وهو ما تجسد باطلاع وفود حكومية من مصر والأردن وأوزبكستان، في أكتوبر الماضي، على التجارب الناجحة والممارسات الفضلى ونماذج العمل الحكومي الإماراتي، عبر زيارات رسمية قامت بها هذه الوفود للدولة في إطار اتفاقيات الشراكة الاستراتيجية في التحديث الحكومي بين حكومة الإمارات وحكومات الدول الثلاث، وبما يرسخ التبادل المعرفي ويعزز مشاركة الخبرات وقصص النجاح واستعراض الأفكار التطويرية والرؤى الهادفة إلى الارتقاء بمنظومة العمل الحكومي، وتطوير الأداء وتحقيق الإنجازات في مختلف القطاعات الحيوية.
لقد نجحت دولة الإمارات في أن تصبح أنموذجاً ملهماً للعديد من الدول في مجال إرساء معايير فريدة لتعزيز الأداء الحكومي، حتى نالت مكانة دولية بارزة في مجال الخدمات الحكومية، فضلاً عن حرصها على إنتاج وتبادل المعرفة مع دول المنطقة والعالم، وتعزيز شراكاتها التي تطور العمل الحكومي، من خلال تعزيز المهارات وتطوير الأداء وتشجيع الابتكار وتأهيل القيادات الحكومية وبناء قدراتها، واعتماد مبادرات تعزز تلك الشراكات، من خلال إقرار حزمة من المبادرات والمشاريع الاستراتيجية لتعزيز الشراكة مع حكومات المنطقة، والارتقاء بمنظومة العمل المؤسسي في القطاع العام، من خلال تطوير الخدمات الذكية، والأداء المؤسسي والتميز، ونقل المعرفة والاستفادة من الخبرات، بما يخدم آليات العمل الحكومي الحديثة والاستثمار في الكفاءات الخلاقة، ويضمن تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة، ويرسم خريطة طريق تحدد أولويات العمل الحكومي العربي المشترك للنهوض بالمجتمعات استعداداً للمستقبل.
 
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.