تتوخى الهند الحذر حين يتعلق الأمر بعلاقتها بالصين. صحيح أن الهند قلقة من تصاعد حضور الصين في جنوب آسيا، لكن الصين هي أيضاً أكبر شريك تجاري للهند. والعلاقة معقدة تتحكم فيها الهند في قلقها وتتعامل مع الحقيقة الراسخة المتمثلة في أهمية الصين للاقتصاد الهندي. ولذا، كان من الأخبار السعيدة أن اتفق البلدان في الآونة الأخيرة على تعزيز الاهتمام بالبحث عن سبل لتسوية مسألة الحدود. والتقى ممثلون عن البلدين معنيون بقضايا الحدود، في الأيام القليلة الماضية، لبحث إمكانية تركيز بعض الجهد والاهتمام في محادثات بشأن الحدود. وكان هذا هو الاجتماع الثاني والعشرون بشأن مناقشة قضية الحدود بين البلدين. وذكر الجانب الصيني أن المناقشات انصبت على عملية تعيين الحدود وإدارتها. وترأس الوفد الهندي، أجيت دوفال، مستشار الأمن القومي، وترأس الجانب الصيني، «وانغ يي»، وزير خارجية الصين.
وتتعزز العلاقات الاقتصادية بين الهند والصين. لكن نزاعاً اندلع بين البلدين عام 2017 حول «دوكلام»، وهي منطقة متنازع عليها بين جارتي الهند، بوتان والصين. وأيدت الهند ادعاءات بوتان. وسبب هذا التأييد هو أن المنطقة قريبة استراتيجياً من ممر سيليغوري في الهند، وهو قطاع ضيق من الأرض يربط ولايات الهند الشمالية الشرقية بباقي البلاد. وحُسم المأزق الحدودي من خلال الدبلوماسية وتبع ذلك اجتماع قمة غير رسمي بين رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينج في مدينة ووهان الصينية.
ومن ثم، فمن المهم أن يضمن الجانبان ألا ينتشر التوتر بشأن مسألة الحدود في الوقت الذي يبحث فيه الجانبان عن حل تفاوضي. والواقع أن أحد أهم معالم العلاقة بين الهند والصين يتمثل في قدرة البلدين على فصل العلاقات الاقتصادية عن قضية الحدود، مما أدى إلى توطيد الروابط الاقتصادية بينهما بغض النظر عن أية توترات في بعض الملفات. والصين هي أكبر شريك تجاري للهند حيث بلغ حجم التجارة 89.71 مليار دولار بين عامي 2017 و2018. لكن اتساع الفجوة التجارية أثار قلق الهند. وبلغ عجز الهند التجاري مع الصين 63.05 مليار دولار بين عامي 2017 و2018 لصالح الصين.
وبعد المحادثات، أكد الجانبان من جديد على «احترام الحساسيات المتبادلة من أجل توطيد العلاقات». وتحدثا أيضاً عن قرار بشأن «تكثيف جهودهم في سبيل التوصل إلى حل عادل ومعقول ومقبول من الطرفين لمسألة الحدود الهندية الصينية». وعلى الرغم من الجهود المتجددة من البلدين، فمن المتوقع أن يكون حل مسألة الحدود صعباً، دون شك. لكن مازال الحفاظ على السلام والهدوء في المناطق الحدودية مهماً للعلاقات الثنائية بصفة عامة.
*مدير مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي