ربما يكون علماء الاقتصاد اقتربوا من تحديد أسباب فقاعات الأصول، غير أن كيفية تفجيرها قبل أن يكبر حجمها كثيراً يظل مشكلة صعبة جداً. دراسة الفقاعات اكتسبت طابعاً ملحاً ومستعجلا على نحو مطرد خلال العقود الأربعة الماضية، بعد أن أضحت الانهيارات أكثر قوة وأشد ضرراً. فقد كان انهيار الأسهم عام 1987 بمثابة نداء تنبيه بالنسبة لمن كانوا يعتقدون أن الأسواق قادرة على الاشتغال بشكل فعال بمفردها، ولم يكن ثمة سبب بديهي يجعل مستثمرين عقلانيين يخلصون فجأة إلى أن قيمة شركات أميركية باتت أقل بـ 23? من اليوم السابق. فقاعة قطاع التكنولوجيا كانت أكثر إثارة للقلق، لأن الكثير من المراقبين كانوا قد حذّروا من فقاعة سنواتٍ قبل الانهيار، بلا طائل. والشيء نفسه حدث مع فقاعة قطاع العقارات، على أن الفرق الوحيد هو أنه عندما انفجرت هذه الفقاعة، جرّت معها الاقتصادَ الحقيقي، مثلما يحدث عندما تكون انخفاضات أسعار الأصول مصحوبة بارتفاع كبير في مستوى الدَّين.
الباحثون طوّروا مجموعة واسعة ومتنوعة من النظريات حول سبب ارتفاع أسعار الأصول فجأة وانهيارها فجأة. والواقع أن صعوبة تحديد أسباب الفقاعات جعلت من الصعب رسم سياسات لتجنبها. غير أنه في الآونة الأخيرة، أخذ عدد متزايد من علماء الاقتصاد يركزون اهتمامهم على فكرة «التوقعات الاستنباطية». فبغض النظر عن الأسباب، فإن المستثمرين يقررون أحياناً أن اتجاهاً حديثاً لعوائد جيدة يمثّل نوعاً من الاتجاهات الهيكلية العميقة.
هذه الفكرة تؤيدها دراسة جديدة لجينيو جاو ومايكل سوكن ووي شياونج. فقد بحث هؤلاء الباحثون أسعار السكن خلال الفقاعة، وقارنوا بين الولايات بناءً على حجم تغييرها معدلات الضريبة على أرباح رأس المال. فوجدوا أن الولايات التي رفعت الضرائب أكثر شهدت قدراً أقل من الفقاعات والانهيارات. والأهم من ذلك هو أن مؤلفي الدراسة وجدوا أنه في الولايات حيث توجد ضرائب أقل على أرباح رأس المال، تميل عمليات شراء العقارات الاستثمارية التي لم يخطط المالكون للعيش فيها إلى الازدياد أكثر، رداً على الارتفاعات الأخيرة للأسعار. والتفسير البسيط لهذا النسق هو أنه عندما ترتفع الأسعار ولا تكون ثمة زيادات في الضرائب لجعل الناس يتوقعون تغيراً في الاتجاه، فإنهم يبدؤون في الاعتقاد بأن الاتجاه سيتواصل في المستقبل المنظور. فيُقبلون على الشراء تبعاً لذلك.
وبالطبع، المستثمرون لا يتوقعون دائماً أن تتواصل الاتجاهات الحديثة للأبد. فما الذي يدفعهم للاستنباط؟ عندما يصبح اتجاه سعر ما كبيراً بما يكفي حتى يلاحظه الناس، تميل السيكولوجيا البشرية إلى افتراض أن هذا هو الوضع العادي الجديد. فمثلا إذا كانت أسعار المنازل في حيّك ترتفع وتنخفض، لكنها بعد ذلك بدأت فجأة ترتفع بمبالغ كبيرة كل سنة على مدى سنوات، فإنك قد تعتقد أن اللعبة قد تغيرت وحسب. وفي تلك الحالة، فالشيء البديهي الذي يقوم به المرء هو الشراء فالشراء فالشراء.
إذا تبين أن نظرية الفقاعات هذه صحيحة، يصبح السؤال هو: كيف يمكن للحكومات أن تئد العملية في مهدها؟ «جاو» وزملاؤه يرون أن الزيادة في الضرائب قد تكون حلا. فإذا استطاع علماء الاقتصاد تحديد عدد السنوات اللازمة من ارتفاع الأسعار لخلق الانطباع باتجاه دائم في أذهان المضاربين، لنقُل ثلاث سنوات أو خمس، فإن صناع السياسات يستطيعون في تلك الحالة تبني قاعدة ترتفع بموجبها ضرائب أرباح رأس المال مؤقتاً كلما ارتفعت الأسعار لذلك العدد من السنوات المتتالية.
هذه السياسة لديها سلبيات قليلة جداً. فإذا كان ثمة سبب جوهري قوي لارتفاع الأسعار، نتيجة ارتفاع في الطلب على السكن، فإن ارتفاع ضرائب أرباح رأس المال ستلتهم في تلك الحالة بعض الأرباح المالية. أما إن كان ذلك بداية فقاعة حقاً، فمن شأن الارتفاع المفاجئ في الضريبة تثبيط توقعات المضاربين بشأن ارتفاع دائم للأسعار.
وإذا منع هذا النوع من أنظمة الضرائب الفقاعات من الخروج عن السيطرة، فلا شك أن ذلك سيمثّل نصراً كبيراً لـ«المالية السلوكية»، ولكل شخص لن يضطر بعد اليوم للخوف من تقلبات أسواق أصول خارجة عن السيطرة.

*أستاذ المالية بجامعة ستوني بروك في نيويورك سابقاً
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلوميبرج نيوز سيرفس»