منذ أن أخذ الغرب بالنظام الرأسمالي، كمحرك اقتصادي وسياسي للحضارة الغربية الحديث، فإن الاضطرابات والأزمات لازمت هذه المجتمعات في كثير من الأحيان، إلى درجة أن بعضهم سمى هذا النظام بـ«نظام الأزمة»، وطالب بتغيير شامل وإعادة اختراع نظام بديل.
«المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب»، في الكويت، أصدر ضمن سلسلة «عالم المعرفة»، في نوفمبر 2019، كتاباً يتحدث عن الخلل في الاقتصاد الرأسمالي، للكاتب الأسترالي «أنتوني لوبنشتاين»، بعنوان «رأسمالية الكوارث». الكتاب يعرض الأزمات التي واجهها الغرب الرأسمالي الحديث، وكيف تحولت الرأسمالية إلى كارثة على الحضارة الغربية المعاصرة،
وذلك لأنها -وفقاً للمؤلف- مصممة بحيث تخصص حصص رأس المال للمشروعات الأكبر ربحية.. لذا يسمح هذا النظام للتنفيذيين والشركات متعددة الجنسيات والمسؤولين العاملين في المنظمات غير الحكومية، باستغلال الأوضاع التي تمر بها المجتمعات، سواء أكانت أوضاع فقر واحتياج أو أوضاع وفرة ورفاه.
ويربط الكتاب بين الحرب الأميركية في أفغانستان وبين ما اتضح أن هذه الأخيرة تملكه في باطن أراضيها من ثروات معدنية غير مستغلة، إلى درجة تسمح بالقول إن «أفغانستان تجلس على منجم ذهب». لذلك رسمت الجمعية الجغرافية الأميركية خريطة للموارد المعدنية الأفغانية، وقالت إن أفغانستان تملك ما قيمته تريليونات الدولارات من الموارد الطبيعية. وقد أحدث الوجود الغربي في أفغانستان حالة قريبة مما تصفه الكاتبة الكندية نعومي كلاين بقولها: «نحن بالفعل في وسط ما صرت أعتقد أنه سعي محموم للوصول إلى الموارد الطبيعية الأصعب والأغلى».
وقد حدث ما يشبه ذلك في دول أخرى، مثل بابواغينيا الجديدة وهايتي، حيث يقول المؤلف إنه وجد قائمة تضم عشرات من كبار الشخصيات الرسمية السابقة ممن تعمل حالياً مع شركات التعدين الغربية، وربما ساهمت من مواقعها السابقة في إطالة أمد الصراعات في بلدانها بغية خلق أنسب الظرف للاستحواذ على الموارد الطبيعية في هذه الدول.
لقد أسفرت نهاية الحرب الباردة عن انفجار في العمالة المسرّحة الباحثة عن فرص عمل، وهو انفجار أدى إلى نمو الشركات العسكرية الخاصة، لاسيما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. ثم وقعت هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، ورأت أميركا أن ثمة فرصة سانحة لإعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، حتى أن جيمس دغاروتس، المسؤول السابق بوزارة الدفاع الأميركية، قال: «الحرب على الإرهاب هي العمل الخاص بالتوظيف الكامل لهؤلاء الرجال، الكثير من الأشخاص قالوا: هيّا بنا نركب قطار الكسب السهل».
وإلى جانب ذلك، فقد أثبتت الرأسمالية، كما يوضح الكتاب، أنها تفتقر في داخلها للمساواة، فنسبة 1? الأكثر ثراءً من السكان في الولايات المتحدة تضاعفت حصتها أربع مرات منذ أيام الرئيس رونالد ريجان، بينما تعاني الطبقة المتوسطة من تراجع مواردها على نحو متزايد.
كما ذكر المؤلف في كتابه أن الرأسمالية أدت إلى انهيار بعض أكبر المؤسسات المالية في الولايات المتحدة، نتيجة أساليب الاحتيال والتلاعب التي مارستها هذه المؤسسات ضد المساهمين والمودعين وأصحاب المنازل وحملة الأسهم ودافعي الضرائب.