يوم الثلاثاء الماضي نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تقريراً تحت عنوان ذي دلالة هامة حول قدرة التأثير لدى مؤسسات القانون الدولي، والعنوان هو: «بعد بيان المدعية العامة لمحكمة العدل الدولية في لاهاي.. تم تأجيل خطط الضم». وقد أوضح تقرير الصحيفة أنه تم في اللحظة الأخيرة إلغاء الاجتماع الذي كان مقرراً عقده للطاقم المكون من وزارات متعددة والمكلف بدفع عملية ضم غور الأردن إلى إسرائيل، وأن مصادر مطلعة أبلغت الصحيفة أن عملية الضم ستدخل في حالة تجميد عميقة. وبين التقرير أيضاً أن الدعوات الخاصة بالاجتماع كانت قد وصلت بالفعل إلى أعضاء الطاقم، لكن تم إبلاغهم بعد ذلك بأن الجلسة قد أُلغيت. وكشفت المصادر الخاصة للصحيفة أن السبب في هذا الإلغاء يرجع إلى تقديرات حكومية تفيد بأن المدعية العامة في المحكمة الدولية تعتزم نشر نتائج التحقيقات الأولية التي قامت بها، ومن هنا نبع الخوف في الحكومة من أن يؤدي اجتماع الطاقم الوزاري في هذا التوقيت إلى تضخيم المواجهة بين إسرائيل ومحكمة العدل الدولية.
لقد تم بناء هذا التقدير الحكومي على أساس أن «فاتو بنسوده»، المدعية العامة لمحكمة العدل الدولية، قد ذكرت في بيانها أن إسرائيل لم تواصل البناء الاستيطاني في الضفة الغربية فحسب، ولكنها أيضاً تنتوي ضم جزء منها، وأنها ذكرت تصريح نتنياهو الذي قال فيه إنه ينتوي ضم غور الأردن إلى إسرائيل.
وكانت «بنسوده» قد نشرت بياناً متوازناً ضد ما اعتبرته من وجهة نظر القانون الدولي المخالفات التي تصدر عن الجانب الإسرائيلي وعن «حماس» وبعض الفصائل الفلسطينية الأخرى، وقالت إن هناك أساساً للتحقيق في سياسة الاستيطان في الضفة الغربية وفي حرب غزة عام 2014، والرد الإسرائيلي على التظاهرات على حدود القطاع، وقيام «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى باستهداف مدنيين إسرائيليين.
لقد جاءت ردود الفعل الإسرائيلية متراوحةً بين استنكار بيان المدعية العامة الذي صدر في نهاية الأسبوع الماضي وبين قيام الحكومة بدراسة فرض حظر للنشر على خطتها للتصدي لبيان المدعية حفاظاً على سريتها وفاعليتها، وبين التعبير عن المخاوف من أن يتعرض قادة سياسيون وعسكريون إسرائيليون للملاحقات القضائية الدولية. أبرز الأمثلة على استنكار البيان ما قاله نتنياهو من أنه يتضمن ثلاث سخافات، أولها كونه يتعارض مع المبادئ التأسيسية للمحكمة، والتي كانت تهدف إلى التعامل مع المشاكل التي تطرحها الدول ضد مجرمي الحرب كالإبادة الجماعية أو الترحيل الجماعي للسكان.. وثاني السخافات من وجهة نظر نتنياهو أن البيان يتعارض مع ما يرى أنه حق لليهود في الاستيطان في الضفة الغربية والتي يعتبرها جزءاً من وطن اليهود.. والسخافة الثالثة من وجهة نظر نتنياهو أيضاً هي أن المحكمة الدولية توجه سهامها ضد إسرائيل بدلاً من أن توجهها ضد إيران أو سوريا.
ورغم هذه الانتقادات للمحكمة الدولية، فقد اضطر نتنياهو، كما كشف تقرير «يديعوت أحرونوت» إلى تجميد عمل اللجنة التي قام بتشكيلها من وزارات متعددة لدفع عملية ضم غور الأردن إلى إسرائيل، وهو ما يبين أن مؤسسات القانون الدولي ما زال في مقدورها التأثير على سياسات الدول التي تخالف هذا القانون.