اليمن في ضمير ووجدان دولة الإمارات قيادة وشعباً، وهمومه ومعاناة شعبه تشغل حيزاً كبيراً ضمن مساحات اهتمامها وتحتل مرتبة متقدمة على سلم أولوياتها، لا لشيء، وإنما من منطلق ما يربط بين الشعبين من وشائج الأخوة وروابط التاريخ وصلات القربى والمصير المشترك، وما تحمله الإمارات من رسالة إنسانية سامية تقوم على بذل كل جهد ممكن لمساعدة الأشقاء والأصدقاء وبسط اليد بالخير لأبناء البشرية على اختلاف ألسنتهم وأعراقهم وألوانهم.
ومنذ قيامها كانت دولة الإمارات دائماً أول من يهب لنجدة شعب اليمن والوقوف إلى جانبه في كل ضائقة أو محنة يمر بها، وأول من يبادر إلى تبني المبادرات والمشاريع التي تسهم في تحسين حياته ورفع مستوى معيشة أبنائه، والشواهد على ذلك كثيرة يصعب حصرها، بدءاً من عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي امتدت أعماله الخيرة وأياديه البيضاء إلى كل شبر من أرض اليمن، وكان خير عون له في مواجهة جميع الأزمات التي عاناها، وصولاً إلى اليوم، حيث لا يزال الاهتمام بهذا البلد وشعبه الشقيق بنداً مهماً على أجندة القيادة الرشيدة، وهو ما يتجلى في قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة: «إن الحفاظ على أمن اليمن واستقراره ودعم شعبه الشقيق ومساندته في مختلف الظروف، يُعد من الثوابت الراسخة لدولة الإمارات العربية المتحدة».
ومن هنا فليس غريباً أن تكون الإمارات أول الحاضرين لتضميد جراح اليمنيين ونجدة مكروبهم وإغاثة الملهوف منهم ودفع غائلة الجوع والمرض عنهم، فهي تنطلق في ذلك من قناعتها التامة بحق الشقيق على شقيقه، وبأن مسح دمعة المحروم ومدّ يد العون للمحتاج وحب البذل والعطاء.. هي شيم أصيلة وطبائع نبيلة جُبل عليها الإماراتيون وباتت جزءاً من شخصيتهم وسلوكاً راسخاً يمارسونه في حياتهم اليومية، حتى أصبحوا مثالاً يحتذى به ونبراساً يهتدى به في حب الخير للشقيق والصديق.
على مدار الأسبوعين الماضيين كانت قافلة الخير والعطاء الإماراتية تجوب الساحل الغربي لليمن، حيث كان ما يزيد على 3170 أسرة نازحة وفقيرة على موعد مع مساعدات هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الإغاثية الطارئة الهادفة إلى تخفيف الأزمة الإنسانية التي يعيشها اليمن جراء الحرب من خلال توفير المواد الغذائية ومواد الإيواء والملابس والخدمات الصحية والعلاجية.
ووفقاً لتقرير أصدرته هيئة الهلال الأحمر الإماراتي فقد ازدادت كميات المساعدات الإغاثية التي قدمتها الهيئة في محافظة الحديدة اليمنية خلال النصف الأول من شهر ديسمبر الجاري بنسبة 30% عن الفترة ذاتها من الشهر الماضي، هذا إلى جانب ثلاث عيادات متنقلة بكامل طواقمها ومستلزماتها الطبية تطوف بشكل يومي القرى والتجمعات السكنية البعيدة عن المستشفيات والمراكز الصحية في مراكز ومديريات الساحل الغربي، التي ارتفع عدد الحالات المرضية التي عالجتها خلال الفترة ذاتها بنسبة 50% وبمجموع وصل إلى 1059 حالة، ما يؤكد حرص الإمارات على توفير كافة احتياجات الإغاثة والإعاشة لأبناء اليمن الذين يفرون بأرواحهم وأعراضهم وأطفالهم من بطش الميليشيات الانقلابية وعدوانها، وإصرارها على تحسين ظروفهم المعيشية، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية ودعم البنية التحتية ومكافحة الأمراض والأوبئة.
جهود الإمارات ومساعيها المخلصة ووقوفها المبدئي إلى جانب الشعب اليمني ستستمر مهما بلغت التحديات ومهما حاولت عصابات الحوثي وأتباعه إعاقتها، فهي اليوم محل تقدير الأهالي في مختلف محافظات اليمن، وفرقها هي محط ثقتهم وأملهم والملاذ الذي يلجؤون إليه ليخفف عن كاهلهم، وهي أيضاً محل إعجاب وتقدير المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والإغاثية العالمية التي تُجمع على أن برنامج الإمارات هو الأهم والأكبر بين برامج الإغاثة الدولية لليمن وأنه قدم مساعدات عظيمة وأسهم في إنقاذ أرواح 5 ملايين من الرجال والنساء والأطفال في مختلف محافظات البلاد منذ بدء عدوان الميليشيات الانقلابية على شعب اليمن ومقدّراته.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.