أدى الجفاف إلى تعرض الملايين من الزامبيين والزيمبابويين للظلام، بينما تُستنزف سدود الطاقة المائية، وتزيد ديون الحكومات الأوضاع سوءاً. وتسبب انقطاع التيار الكهربائي لمدة 18 ساعة في اليوم إلى خنق اقتصاد الدولتين. أما الديون المتضخمة، فقد جعلت الدولتين غير قادرتين على تحمل استيراد ما يكفي من الطاقة للمساعدة في تخفيف العجز. وحتى إذا استطاعت، فإن أكبر مزود في المنطقة، وهو شركة «إسكوم هولدينجز إس أو سي المحدودة» ليس لديها ما يكفي من الطاقة للإبقاء على الأضواء في سوقها المحلية، جنوب أفريقيا.
وأدت أزمات الطاقة في البلدان الثلاثة إلى تفاقم الضغط الاقتصادي. فمن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في زيمبابوي هذا العام، في حين أن زامبيا تمضي قدما نحو أبطأ توسع في أكثر من عقدين، وتخوض جنوب أفريقيا ثاني ركود خلال عدة سنوات.
وقد بدأت دوامة الهبوط هذه منذ سنوات، حيث فشلت مرافق الكهرباء التي تعاني من أزمات مالية في إحلال المصانع القديمة وبناء مصانع جديدة تتسم بالسرعة الكافية لمواكبة الطلب، وفقا لما ذكرته «كاي والش»، العضو المنتدب لشركة «نوفا إكونوميكس المحدودة» في ستيلينبوش، بالقرب من كيب تاون. وأضافت أن «الجفاف زاد من حدة المشكلة.
وأوضحت أن كل شيء بلغ ذروته في وقت سيئ تماماً، لكن المشاكل كانت تتكون. إنهم لا يستطيعون فعليا استبدال قدراتهم، لأن هذا سيؤدي إلى زيادة حادة في التعريفات أو سيتعين تمويله من خلال دافعي الضرائب».
وقد يتعين إغلاق التوربينات في كاريبا، أكبر خزان من صنع الإنسان في العالم، تماماً بعد انخفاض منسوب المياه إلى أدنى مستوى منذ 23 عاماً، والاستمرار في الانخفاض يعد سيناريو كارثي لكلا الاقتصاديين.
وأكدت «والش» أنه ستكون هناك حاجة إلى رفع أسعار الكهرباء. وهذا من شأنه أن يضيف إلى مشاكل التضخم – فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك في زيمبابوي بنحو 481% في الشهر الماضي، وفي زامبيا بلغت الأسعار أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات.
تاريخياً، كانت الدولتان تعتمدان على الكهرباء الرخيصة القادمة من توربينات كاريبا. ونظراً لتزايد عدد السكان وربط عدد أكبر من الناس بالشبكة، لن ترفع الحكومات التعريفات بما يكفي لتحمل طاقة إنتاجية جديدة.
وسيكون من الصعب زيادة الاقتراض لدفع تكاليف المصانع الجديدة. فديون زامبيا ستصل إلى 96% من الناتج المحلي الإجمالي في العام القادم، بينما لا تستطيع زيمبابوي تحمل المزيد من الديون حتى تسوي متأخراتها مع جهات الإقراض الدولية. وفي عام 2017، كانت شركة «زيسكو المحدودة»، وهي مزود الطاقة المملوك للدولة في زامبيا، انتهكت سبع اتفاقيات قروض مع البنوك بما في ذلك بنك الصين وستاندارد تشارترز، وفقا لتقريرها السنوي الأخير.
وقامت زيمبابوي بزيادة أسعار الطاقة بأكثر من ثلاثة أضعاف في شهر أكتوبر، وستحتاج إلى اتخاذ إجراء آخر، بينما حذرت زامبيا من أن الإعلان عن الأسعار الجديدة بات وشيكاً.
وقال «جريف تشيلوا»، محاضر بارز لمادة الاقتصاد في جامعة «كيب تاون»، إن زامبيا «تمر بأزمة ناجمة عن الديون، ما يعني أن قلة قليلة من مزودي الكهرباء الخارجيين والمحليين هم الذين على استعداد لضمان إمدادات إضافية دون مطالب شاقة من غير المرجح أن تلبيها زامبيا». ويفضل بعض الناس، من بينهم «براون ليامبا»، 30 عاماً، والذي يمتلك مطبعة في لوساكا، دفع أسعار أعلى للكهرباء إذا كان ذلك يعني توفير إمدادات أكثر موثوقية. ومع ذلك، فإن هذا سيتكلف أقل من الوقود الذي يتعين عليه شراؤه لتشغيل مولد.
وقال ليامبا «إذا كان هذا هو الخيار الوحيد لتخفيف الأحمال، والذي يمكنني من إدارة شركتي، فأنا أفضل أن أدفع الضعف».
وحتى مع رفع الأسعار، لن يختفي عجز الطاقة في زامبيا وزيمبابوي بين عشية وضحاها. وسيستغرق الأمر عدة سنوات لتجديد سدود الطاقة المائية. وستواصل الشركات الصغيرة، مثل مطبعة ليامبا، التي تمثل الجزء الأكبر من النشاط الاقتصادي في البلدين، الكفاح. ويقول تشيلوا«سيكون التأثير كبيرا، فالكهرباء هي شريان الحياة في أن اقتصاد».
*ماثيو هيل
*صحفي متخصص في الشؤون الأفريقية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»