دافع وزير الدفاع الأميركي السابق جيمس ماتيس عن جهود بلاده في إعادة بناء أفغانستان كجزء من الحرب الأميركية المستمرة هناك منذ 18 عاماً، وقال يوم الجمعة الماضي، معلقاً على أوراق التحقيق الذي نشرته «واشنطن بوست» حول الحرب الأميركية في أفغانستان: «كان علينا محاولة القيام بشيء فيما يتعلق ببناء الدولة، وربما لم نحسن العمل فيما يتعلق بهذا الأمر». ووصف ماتيس التقدم الذي تم إحرازه في أفغانستان، منذ غزو الجيش الأميركي لها، بعد وقت قصير على هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية. وفي تصريحاته أدلى بها لصحيفة «واشنطن بوست»، استشهد بالزيادة في عدد النساء الأفغانيات المتعلمات، وبالتطور الذي طرأ على الدبلوماسيين الأفغان، وبتطعيم المدنيين ضد الأمراض. وقال ماتيس، الذي أشرف على الحرب كقائد من فئة الأربع نجوم للقيادة المركزية الأميركية في الفترة بين عامي 2010 و2013، إن العنف في أفغانستان «محزن للغاية، لدرجة أنك لا تستطيع رؤية التقدم الذي تم إحرازه هناك». واعترف الوزير السابق بأن الولايات المتحدة ارتكبت خطأً استراتيجياً من خلال عدم إيلاء الاهتمام الكافي للبلاد، بينما كانت إدارة جورج دبليو بوش تشن الحرب على العراق في عام 2003.
وقال ماتيس: «إننا لم نفعل الأشياء بشكل صحيح، وأنا مثال على ذلك»، وتذكّر أنه عندما كان جنرالاً من فئة النجمة الواحدة، تم سحبه من أفغانستان في ربيع عام 2002، وتمت ترقيته وإخباره ببدء الاستعدادات لشن حرب ضد العراق.
وجاءت تصريحات جيمس ماتيس في معرض الرد على أسئلة وردت في التحقيقات الاستقصائية التي تجريها «واشنطن بوست»، والتي تحاول تحديد الأخطاء التي ارتُكبت في الحرب. وتتضمن السلسلة التي تحمل عنوان «أوراق أفغانستان» مقابلات ومذكرات لم يتم نشرها من قبل، وقد أعرب فيها عدد من كبار المسؤولين الأميركيين عن مخاوفهم بشأن الحملة العسكرية على أفغانستان، حتى وإن كانوا يروجون للتقدم المحرز في تصريحاتهم العلنية.
وبشكل عام، كان ماتيس من بين أولئك الذين تحدثوا مراراً وتكراراً عن التقدم الذي شهده في أفغانستان. وفي عام 2010، شهد ماتيس أمام الكونجرس بأن الشق العسكري لاستراتيجية الولايات المتحدة في أفغانستان كان سليماً، وبأنه «من خلال التنفيذ الثابت لاستراتيجيتنا، سننتصر في أفغانستان».
وفي مارس 2013، شهد ماتيس مرة أخرى بأن الحرب في أفغانستان كانت «مزيجاً من التقدم والعنف» على أرض الواقع، ولكن القوات الأفغانية «أثبتت قدرتها». وقال ماتيس: «أعتقد أنه قد يتعين علينا أن ننظر في كيفية قياس قدراتهم، نظراً لأنهم يقيسون قدرات أنفسهم أمام العدو ويثبتون أنفسهم هناك».
وبحلول عام 2015، كانت الولايات المتحدة ترسل قوات العمليات الخاصة لتفادي الكوارث الأمنية في الجنوب، كما أوقفت انسحاباً كان مخططاً له، حيث كان العشرات من الجنود الأفغان يُقتَلون شهرياً.
وقال ماتيس في تصريحاته يوم الجمعة الماضي، إن تقارير وأوراق التحقيق الذي نشرته «واشنطن بوست» دفعت عائلات أفراد الخدمة الذين سقطوا قتلى أو جرحى، وكذلك بعض المحاربين القدامى، إلى التواصل معه. وأضاف: «لكم أن تتخيلوا كيف كان حال هذه العائلات التي تواصلت معي». وأوضح أنه أكد لهم بأن المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والسفير الأميركي السابق في أفغانستان ريان كروكر، «لم يحاول أي منهم إخفاء هذه الحقائق». واستطرد ماتيس: «كان الأمر صعباً، وكان هذا مفهوماً بالنسبة لنا. كان من الصعب تفسير أنه لا يمكنك البناء على لا شيء. كان عليك حرفياً أن تبني الأساس، وقد استغرق الأمر سنوات لبناء أشخاص يمكن أن يكونوا دبلوماسيين في بلد محدود الإمكانات البشرية والمادية والمؤسسية». وقال: «إنني أحيي هذا التقرير الاستقصائي، لكنه ليس خبراً في الحقيقة»، لأن الأخطاء التي ارتُكبت في حرب أفغانستان كان يتم الإبلاغ عنها من قبل الصحفيين طوال السنوات.
وتعتمد التقارير الجديدة «أوراق أفغانستان» التي نشرتها «واشنطن بوست» على مقابلات مع عشرات من كبار المسؤولين الأميركيين. وقد أجريت من قبل المفتش الخاص بإعادة إعمار أفغانستان، وتم حجبها عن الجمهور، حتى فازت بالحصول عليها صحيفة «واشنطن بوست» عقب معركة قضائية استمرت ثلاث سنوات، اعتماداً على قانون حرية المعلومات.
وقال ماتيس: هناك «الكثير من الدروس المستفادة، ولهذا السبب تم جمع هذه الوثائق». لكنه أيد مخاوف بشأن نشرها في وسائل الإعلام.
وفي فعالية نظمتها «واشنطن بوست» في وقت لاحق، قال ماتيس إن الصعوبات في أفغانستان كانت معروفة قبل نشر هذه السلسلة من التحقيقات. وأضاف: «لقد سرت على الأرض في أفغانستان، وإلى جانبي مراسلي (واشنطن بوست) الذين كانوا ضمن الوحدات، وكانوا يراقبون الأحداث عن كثب. وأعتقد أن إعداد التقارير كان دقيقاً للغاية، لذا فإنني في حيرة من أي جهد لإخفاء هذا الأمر».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»