عادوا ككل مرة ليخرجوا من جحورهم، عادوا ككل مرة بعد أن يخسروا معركة من معاركهم، ليفرغوا خيباتهم في استهلاك للفراغ ولتبرير خساراتهم المستدامة، ليطلقوا حملة بعد أخرى تستهدف الإمارات كدولة، عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ولا جديد في حملات الاستهداف، فهذه سنوات من الحملات التي تحمل في مضمونها واقع حالهم، بعد أن تكسرت كل مشاريعهم تحت أقدام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد.
لنتساءل هنا: ماذا لو كانت دولة الإمارات في سياق ما يريد دعاة مشاريع الوهم السياسي؟! وماذا لو تحولت الإمارات لجسر عبور إلى تفتيت الدول وتخريبها؟ وماذا لو كانت الإمارات مجردة من القيم والمبادئ؟ هل كانت ستستهدفها الحملات الإعلامية أم أنها ستكون في مأمن منها؟ أسئلة تحدد الاتجاهات في أفق إجابات ستصب كلها في جانب الإمارات، ككيان ودولة تأسست وقامت على مرتكزات لا تنسجم وما يدعو إليه الواهمون من أصحاب مشاريع الخراب والفوضى.
اتخذت الإمارات موقفها مع هبوب رياح الخريف العربي، وقررت منذ اللحظة الأولى أن تكون في جانب المشروع المضاد لتيار الخراب، القرار الصعب بدأ من إسناد مملكة البحرين التي من شوارعها انكشفت المؤامرة، وما يحاك لدول الخليج العربية من مخططات تستهدف أسس تلك البلدان، وأن ما سيلي المنامة ستكون الرياض، وإنْ سقط العمود السعودي سقطت الخيمة العربية كلها.
اعتقدوا أن الإمارات ستكون طريقاً لمرورهم نحو غاياتهم، وكان الاختبار الأكثر ضراوة وشدة في معركة استعادة الدولة المصرية التي اهتز شيء من أركانها، ووقعت في فخاخهم، وكانت الإمارات في موعدها الأهم يوم الثلاثين من يونيو 2013 عندما قرر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أن يكون إلى جوار الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز في الوقوف مع الشعب المصري، وتأييد قيادة الجيش في استرداد الإرادة المصرية والحفاظ على كيان دولة من أهم كيانات العالم العربي.
وإنْ أردنا معرفة حجم المعركة، علينا أن نتذكر السنوات الطويلة التي تم فيها تدبير المخططات والمؤامرات وتحضير الأرضية لاختراق المجتمعات العربية، لم تكن الثلاثين من يونيو مجرد معركة عابرة في التاريخ العربي الحديث، كانت معركة وجود تحددت معها كافة الاتجاهات، وكانت الإمارات رأس الحربة في المواجهة المفتوحة مع أصحاب مشاريع الإسلام السياسي والحالمين بخلافة مزعومة، للسيطرة والنفوذ على أهم الدول في الشرق الأوسط؛ مصر والسعودية.
لم تتوقف الإمارات عند أن تكون سنداً لقرارات سياسية حاسمة، بل أظهرت معدنها في حرب اليمن، فسجلت قواتها المسلحة الملحمة الخالدة في معركة السابع والعشرين من رمضان بتحرير العاصمة الجنوبية عدن، التي عندها تحطم واحد من أكثر المشاريع التوسعية في المنطقة، وضمنت الإمارات أن يبقى مضيق باب المندب في النطاق العربي.
ما أظهره الجندي الإماراتي من احترافية قتالية في الحروب المتعددة، من مكافحة الإرهاب، إلى القدرة على التكييف مع الظروف والتعقيدات المختلفة، أثبت أن لدى الإمارات قوة عسكرية متقدمة من حيث التأهيل، تضعها في مقدمة الجيوش، وأن هذه القوة العسكرية قادرة على أن تربح المعارك الكبرى، مما يجعل الإمارات في موقع متقدم، في إطار التوازنات القائمة في منطقة الشرق الأوسط.
في الإطار الآخر من المشهد، تواصل الإمارات مسيرة تنموية تعد الأنجح والأكثر إبهاراً على مستوى العالم، هذا جانب كرست فيه الدولة الإماراتية جهداً، وبذلت فيه بسخاء، حتى أنها أصبحت واحدة من الدول القليلة جداً، التي تتزاحم على مؤشرات التنافسية العالمية بكافة أنواعها، حتى في ريادتها نحو المعرفة، دخلت إلى مجال الذكاء الاصطناعي لتكون محطة دولية ستلعب خلال القرن الحادي والعشرين دوراً متقدماً، وستكون علامة فارقة في اجتذات هذه الصناعة الرائدة من خلال بنية تحتية مهيئة لهكذا دور مقبل.
محمد بن زايد وضع بلاده في مقدمة كل شيء ممكن، بل حتى ما ليس ممكناً تجاوزه وحققه لبلاده ببلوغ الفضاء واستعداد الإمارات لتصل إلى كوكب المريخ، هذه هي معارك محمد بن زايد وهذه انتصاراته، فكيف لا يكرهون هذا التفوق وتلك الانتصارات المتوالية وقدرته على أن يواصل التزاماته بالأمن القومي العربي مع تنمية مستدامة والحصول على وقت كافٍ ليذهب إلى طفلة صغيرة في منزلها ليقدم اعتذاره، جبراً لخاطرها على مصافحة عابرة لم تتم وسط الزحام؟
أقدار الرجال الكبار هكذا تكون، وهكذا تليق بأمثال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، الذي نجح في العبور لمستقبل تكون فيه الإمارات، كما يليق بشعبها الذي استطاع في عقود قليلة أن يختصر قروناً وتكون الإمارات ذات تأثير في محيطها والعالم، هذه الأقدار التي تختبر معادن الرجال، تضع أمامهم من الحاسدين وفقراء الأخلاق والقيم الكثير، وتضع معهم وإلى جانبهم الكثير والكثير جداً من المحبين المخلصين.
في مشهد الشيخ محمد بن زايد وكارهيه ومبغضيه، يتباهى وحيداً كما لا يليق بغيره أن يتباهى، فلم تخرج في العالم جموع من المحبين لأحد كما خرجت الجموع في حب الشيخ محمد بن زايد وبلاده الإمارات، كما خرج أهالي عدن والمكلا وسقطرى يرسلون الوفاء لرجل عرفوا أن أفعاله تسبق أقواله، وأن محمد بن زايد كان لهم سيفاً عندما غابت السيوف، وكان لهم درعاً يوم انكشفوا بلا دروع، وكان لهم وفياً يوم تدافع عليهم الأوغاد، وحده محمد بن زايد خرجوا من أجله وفاءً وحباً وتقديراً وتكريماً رغم أنوف الكارهين له.
*كاتب يمني