بعد أيام قليلة من حصولي على ترشيح الحزب «الديمقراطي» للمنافسة على منصب حاكم ولاية فلوريدا، زار المنافس «الجمهوري» رون ديسانتس الحي الكوبي تاريخياً المعروف باسم «ليتل هافانا» في ميامي وقرأ من ورقة بصوت مرتفع بالإسبانية قائلا «الاشتراكية ستكون كارثة على فلوريدا». ثم تلت ذلك مباشرة إعلانات هجومية ورسائل موجهة بالبريد. وزار الرئيس دونالد ترامب فلوريدا ثلاث مرات لتعزيز الهجمات، وخطبه النارية عن أخطار الاشتراكية دخلت كل منزل في الولاية. والرسائل التي استخدمت أثناء السباق على منصب حاكم الولاية ستهيمن مرة أخرى على موجات البث في هذه الولاية وولايات أخرى عام 2020.
لقد حانت الآن مواجهة الحقيقة القاسية وهي أننا- «الديمقراطيين»- سمحنا بحدوث هذا. فقد رددنا على هذه الهجوم غير العادل بدفاع حسن النوايا لكنه غير دقيق التصويب. وبالنسبة لآلاف من سكان فلوريدا الوافدين من كوبا وفنزويلا ونيكاراجوا، فكلمة اشتراكي محملة بمعاني الألم والغضب العميقين. واستغل «الجمهوريون» هذه الخبرات الأليمة لدى المهاجرين وأسرهم. وفي ولاية يكون الفوز أو الخسارة فيها دوماً بفارق 1%، بل أقل من ذلك كما في حالتي، سيكون تصويت الوافدين من أميركا اللاتينية حاسماً في عام 2020، فأكثر من 1.3 مليون من سكان فلوريدا من المهاجرين أو أبناء مهاجرين وافدين من دول أميركية لاتينية سلطوية الحكم.
ويتعين على «الديمقراطيين» أن يقيموا حجة قوية وبسرعة مفادها أننا نكافح من أجل الحريات والفرص الاقتصادية، وأن أفكار «الجمهوريين» هي ما تقلص الحريات والفرص للملايين. وهذا لن يكون سهلاً، وترامب يعرف أن الطريق الوحيد إلى إعادة انتخابه يمر عبر فلوريدا. ومعدلات التأييد له في استطلاعات الرأي أفضل هنا من أي ولاية أخرى محل منافسة. ومدير حملته يعيش هنا وحملته أنفقت أكثر من مليوني دولار على إعلانات رقمية في فلوريدا هذا العام أي أكثر من أي ولاية أخرى متأرجحة بين الحزبين. وعلى مدار العام، أمطر الرئيس الولاية بإعلانات بالإنجليزية والإسبانية مهاجماً «الديمقراطيين» باعتبارهم اشتراكيين. وأطلق شبح أن حزبنا سيجعل من الولايات المتحدة بلداً اشتراكياً فاسداً ما لم يعاد انتخابه.
والمثير للسخرية أن ترامب، بمرور كل يوم، يثبت أنه صورة طبق الأصل لحكام أميركا اللاتينية السلطويين باستغلاله الخوف والقهر في الحكم. فقد أهدر الرئيس، بالقول والعمل، أكثر المبادئ أساسية في ديمقراطيتنا بابتزاز الحلفاء ومهاجمة الصحافة الحرة.
ودفعت أعمال القمع والاستبداد في أميركا اللاتينية إلى تصاعد أعداد المهاجرين إلى فلوريدا. ومع استقرارهم في ميامي أو أورلاندو، يبقون على علاقات قوية مع أسرهم الذين يعيشون في ظل الحكم الاستبدادي في بلدهم الأم. ولا أعتقد أن كثيرين منهم لم يتوقعوا أن تنتخب أميركا طاغية خاصا بها أو أن أحد أحزابنا السياسية سيجاريه في هذا.
ويعلن البعض في حزبي بفخر أنهم اشتراكيون ديمقراطيون، وهذا يرجع في جانب منهم إلى أنهم وقعوا ضحايا الرأسمالية التي بلا كابح في تسعينيات القرن الماضي، والعقد الأول من القرن الحالي مما تُوج بأزمة 2008 المالية. لكن كل مرشح ديمقراطي ومسؤول منتخب وناشط أعرفه بصرف النظر عن الأوصاف يدافع من أجل الفرص والديمقراطية والحريات الإنسانية. ويتعين على «الديمقراطيين» ألا يستهينوا بفعالية رسم صورة منفرة لهم باعتبارهم اشتراكيين في الانتخابات العامة. حين يحاول «الجمهوريون» إطلاق الأوصاف علينا يتعين علينا أن نرد بجرأة ونطلق عليهم أوصافا أيضا ونوضح نفاقهم وأن ما نكافح من أجله هو سياسات توسع الفرص والحريات والحلم الأميركي. وأن هدفهم يتمثل في العودة بعقارب الساعة إلى الوراء.
*أندرو جيلوم
*رئيس بلدية سابق لمدينة تالاهاسي في ولاية فلوريدا والمرشح «الديمقراطي» لمنصب حاكم الولاية عام 2018.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»