إننا الآن، وكما كنا منذ البداية، أمة منقسمة. وتنشأ العديد من انقساماتنا عن الآراء السياسية، والهويات الثقافية والعرقية والعقائد الدينية وغيرها. وعندما تلتقي هذه الاختلافات تكون النتيجة مدمرة وربما مأسوية. ومعالجة الاختلافات الأكثر قوة وخطورة بيننا هي، بطرق عديدة، المسألة الرئيسية لديمقراطيتنا. وكمعلم، لطالما كنت أعتقد أن دورنا الأكثر أهمية في إعداد الطلاب للمواطنة المسؤولة هو مساعدتهم في فهم الاختلافات التي يمكن أن تقسم المجتمع، والأهم من ذلك، الدور الذي يمكنهم القيام به في التوسط لحل هذه الاختلافات والتخفيف منها. لا أستطيع تخيل تماسك بلدنا دون هذه القدرات.
لذلك، فإني أدافع، وباقتناع شديد، عن وجود مجموعة متنوعة دولياً من الطلبة في حرم الجامعات. ورغم أن مهمتنا تتطلب منا بالضرورة إعداد الطلاب للقيام بسلسلة من المساعي، فإنه لا يجب أن نقلل من الضرورة الملحة لمساعدتهم على التفاوض بشأن انقساماتنا العديدة. ولهذا السبب، فإن قرار المحكمة الأخير الذي يؤكد أهمية النظر في الاختلافات، بما في ذلك الاختلافات العرقية، عند قبول الطلاب في جامعة هارفارد، هو في غاية الأهمية. فعِرق الطالب هو أحد العوامل التي قد تخبرنا عن وجهات نظره الشخصية والاجتماعية والتعليمية. واختلاط وجهات النظر هذه في الحرم الجامعي يثري تجربة التعلم لجميع الطلاب. ويجب أن يحتفظ المسؤولون عن القبول بالقدرة على التفكير في العِرق، إلى جانب السمات الهامة الأخرى لملف مقدم الطلب.
أعرف إلى أين يمكن أن يؤدي الافتقار للتنوع في تعليم المرء. فقد كنت الابن الأصغر بين 12 طفلاً ولدوا في كوخ مزارع سابق في مزرعة في جرينلاند، بتكساس. عندما كنت في السابعة من عمري، انتقلت أسرتي إلى القطاع الخامس «الدموي» الشهير في هيوستن، والذي كان في ذلك الوقت مجتمعاً منعزلاً بشكل صارم. وخلال جميع مراحل التعليم بالمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، كان جميع زملائي في الصف من السود.
ويكاد يكون من المستحيل أن ننقل الآن ما كان يبدو عليه الحال في ذلك الوقت، حيث يبرز أثر عدم الفهم والخوف من الاختلاف على افتراضات تتعلق بالذكاء والقيمة. وقد شكلت هذه التحيزات التفكير بشأن الاحتمالات والمصائر في الحياة وجعلتها محدودة، مما أعاق تطلعات الأجيال. وكنت كثيراً ما أتساءل: كيف كان شكل الحياة بالنسبة لأجدادي وآبائي إذا كان قد تم الاعتراف بقيمتهم وفهمها؟ واليوم، عندما أفكر فيما قدّمه لي تعليمي العالي المتنوع الثري، على عكس حياتي المبكرة، أشعر بالدهشة لأن قليلين هم الذين فهموا الميزة المجتمعية العظيمة لمجتمعات التعلم المتكاملة.
وفي النهاية، أخرجني الاهتمام بتنوع أكثر قوةً من حدود الحي الذي ألِفته. وبعد العيش مع أسرة مكسيكية أثناء الدراسة في سالتيلو، بالمكسيك، تركت كليتي المعروفة تاريخياً بطلابها السود في لويزيانا، لأدرس اللغة الفرنسية في كلية ويلسلي. لقد نسيت العديد من زملاء الدراسة منذ زمن طويل، لكني سأتذكر على الدوام طالبة واحدة بيضاء في فصل الفلسفة القديمة في ويلسلي. وفي أحد الأيام، عندما تحولت المناقشة إلى نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وكانت الطالبة تستمع فيما انضم إلىّ العديد من الطلاب البيض لمعارضة هذا النظام. وفي نهاية الأمر، رفعت يدها وقالت لنا إنها من جنوب أفريقيا ودافعت بحماس عن الفصل العنصري وأتباعه. وبينما وجدت أن حججها غير مقنعة، علّمتني قيمة الإنصات إلى الاختلاف والتعلم منه. وفي هذا الصف المليء بأشخاص مختلفين جداً، استمعنا سوياً إلى آراء ما سمعنا بها من قبل في مجتمعاتنا المحلية.
وعندما كنت أدلي بشهادتي في محاكمة هارفارد، طغت عليّ لحظة محرجة وأنا أحاول أن أوضح بعبارات واقعية أهمية تنوع الصف الدراسي. ومع تذكر المذبحة التي وقعت في كنيس شجرة الحياة، بدأت أبكي. وفكرت متسائلاً: هل سيتسنى لنا إصلاح بلادنا إذا فشلنا في جمع الشباب المختلفين وتثقيفهم؟ إن وجود تنوع في الفصل الدراسي يوفر لنا الفرصة، ويجعلنا مشاركين أكثر قوةً وفاعليةً في المشروع البشري.
يتعين على هارفارد الاضطلاع بمهمة تثقيف المواطنين الأميركيين من أجل مجتمعنا. وبدون تنوع، يمكنها إنجاز جزء فقط من تلك المهمة، فلكي تتمكن من القيادة في عالم اليوم، يجب أن تكون مهيأً للانخراط مع الأطراف المختلفة في النقاش للتوصل إلى اتفاق. إن مهمة هارفارد هي تعليم المواطنين والقادة من أجل مجتمعنا.
*رئيسة جامعة براون(2001-2012)
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»