«الشبابُ هو الثروة الحقيقية، وهو درع الأمة وسيفها والسياج الذي يحميها من أطماع الطامعين».. بهذه العبارة لخّص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، نظرته إلى الشباب وعبّر عن ثقته بهم، وأرسى، رحمه الله، بكلماته تلك، مبدأً ونهجاً أصبح البوصلة التي تهتدي بها القيادة الرشيدة والحكومة في تعاملها مع هذه الفئة المهمّة من أبناء مجتمع الإمارات.
فدولة الإمارات التي تحتفل بيوبيلها الذهبي في ديسمبر 2021 هي دولة فتيّة في عمرها الزمني، لكنها كبيرة في منجزاتها وأهدافها وطموحاتها، وهي تسعى دائماً وبهمّة عالية إلى تحقيق المراكز الأولى في شتى مجالات الحياة، وذلك بالاعتماد على سواعد شبابها الذين يشكلون ما يزيد على 50% من تعداد مواطنيها، وهي الميزة التي تنبّهت لها القيادة الرشيدة مبكّراً وعملت على استغلالها على الوجه الأمثل في تحقيق تطلعات الوطن والمواطن عبر توجيه هذه الطاقات الهائلة وعدم تركها عرضة للهدر أو الضياع.
ولتجسيد هذا المنظور على أرض الواقع، أطلقت الدولة العديد من المبادرات غير المسبوقة التي استهدفت ضمان المشاركة الفاعلة للشباب، حيث عينت وزير دولة للشباب بعمر 22 عاماً، وأسست مجلس الإمارات للشباب ليمثل تطلعاتهم وقضاياهم لدى الحكومة التي آمن رئيسها صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بأهمية إتاحة الفرصة لهم للإسهام في صناعة مستقبل الوطن، حيث أكد في هذا الإطار أن «طاقة الشباب قوة دافعة لجهود التنمية في الدولة، وهي أنقى طاقة، وأكثرها استدامة، وأعلاها قيمة.. طاقة الشباب هي أغلى مواردنا»، وعاضده في هذا الشأن أخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، حفظه الله، الذي يرى أن «الأمم الناهضة هي التي تستثمر في الشباب، وتعمل على تأهيلهم وتمكينهم وتوظيف قدراتهم بالشكل الأمثل، لأنهم ثروة الأوطان الأغلى، والمورد الذي لا ينضب أبداً، والمحرك الأساسي لعجلة التطوير والبناء والتقدم في أي بلد».
ويوم أول من أمس أعلنت المؤسسة الاتحادية للشباب تشكيل الدورة الثالثة من مجلس الإمارات للشباب الذي ضمّ في عضويته نخبة من الكفاءات ومجموعة من المواهب الوطنية الشابة من جميع أنحاء الدولة، ستسهم بشكل فاعل في رفد القدرات الوطنية الشابة بخبرات جديدة لتعزيز دورها الرائد في مسيرة التطور والتنمية وبمبادرات لتعزيز الهوية الوطنية وروح الانتماء لديها من خلال تقديم الأفكار المبتكرة التي ترسخ مكانة الدولة عالمياً.
وقد تمّ تعميم التجربة ونشْرها على أوسع نطاق، حيث تبنّت الدولة نموذج المجالس الشبابية وباشرت تطبيقه على مستويات عدة في مقدّمتها المجالس المحلية للشباب، فتم تشكيل سبعة مجالس على مستوى الإمارات السبع مهمتها الإسهام في العمل على المبادرات، وتنفيذ البرامج، واستضافة الفعاليات الخاصة بالشباب وتوعيتهم، ثم المجالس الوزارية على مستوى الوزارات وهدفها تقديم الدعم للقيادة العليا في الوزارة من خلال مناقشة التحديات التي تواجه العمل، والخروج بأفضل التوصيات والحلول للتغلب عليها.
وللتوسع أكثر في التجربة، تم إنشاء المجالس المؤسسية للشباب، على مستوى المؤسسات والهيئات لتمثل الشباب وتستمع لأصواتهم وتسخّر مواهبهم في خدمة المؤسسة ورؤية الدولة والأجندة الوطنية، كما أطلقت الدولة المجالس العالمية للشباب الإماراتي، بهدف تعزيز مشاركة شباب الإمارات المبتعَثين ومنحهم الفرصة لنقل أفضل الممارسات المتّبعة في الخارج إلى الدولة، ليتم تطبيقها تحت رعاية المجلس والجهات المعنية.
وسبقت الإماراتُ أكثرَ دول العالم تقدماً وازدهاراً في دعم الشباب وتمكينهم، وتجاوزت مفهوم الدعم إلى بناء الروح القيادية لدى شبابها وتقليدهم مراكز متقدمة في مجال المسؤولية، وتمكين كل منهم من الإسهام في صياغة مستقبل الوطن وتحقيق رؤيته بأن يكون الأفضل على وجه المعمورة، وهم بكل تأكيد عند حسن الظن وعلى قدر المسؤولية.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.