نفد الوقت تقريباً من البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) كي يعثر على حل للمأزق السياسي الحالي، لكن هناك طائفة من المقترحات كان  يأمل مشرعون أن تحول دون إجراء انتخابات ثالثة غير مسبوقة في أقل من عام. وبعد إجراء انتخابات في أبريل، ثم في سبتمبر وشهور من المساومة والتفاوض بين أكبر الأحزاب لتشكيل ائتلاف حاكم، ما زالت البلاد بعيدة عن تشكيل حكومة جديدة، سواء تزعمها حزب «الليكود»، أو حزب «أزرق أبيض» بزعامة رئيس أركان الجيش السابق «بيني جانتس».
ويضاف إلى هذا صحيفة الاتهام التي أصدرها، الشهر الماضي، المدعي العام الإسرائيلي ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مما أثار أسئلة بشأن إذا ما كان سيسمح له قانوناً بأن يشكل حكومة في المستقبل، وهذا على افتراض أن حزبه سينجح في الحصول على أغلبية صريحة في جولة انتخابية أخرى. فمعظم استطلاعات الرأي تشير إلى أن النتيجة ستكون مشابهة لانتخابات أبريل وسبتمبر. وكانت هناك مقترحات يمكن تفعيلها لتفادي انتخابات أخرى. وإليكم هنا بعض المقترحات التي كان من المفترض أن تنهي المأزق السياسي وتمنع خوض انتخابات جديدة.
المقترح الأول: مواجهة بين نتنياهو وجانتس. فقد نشر نتنياهو، يوم السبت الماضي، مقطعاً مصوراً أعلن فيه (أنه بعد أن جرب كل شيء لتشكيل حكومة وحدة مع «جانتس» وحزب «أزرق أبيض» - بما في ذلك مقاسمة معلومات أمنية حساسة - يجب أن يكون هناك انتخابات مباشرة بيني وبين جانتس. دعوا الناس - وليس غيرهم - يقررون). وأظهر استطلاع للرأي نشرته يوم الجمعة «تشانال 12 نيوز» أن نتنياهو مازال متقدماً على «جانتس» حين يتعلق الأمر بالأكثر ملاءمة لمنصب رئيس وزراء إسرائيل، لكن بفارق ضئيل. فهناك 39% من الخاضعين للاستطلاع يفضلون نتنياهو و37% يفضلون «جانتس».
فلماذا لن يجدي هذا المقترح نفعاً؟ مع غياب برلمان فاعل منذ ما يقرب من عام ودون أغلبية واضحة في البرلمان، تصبح فرص نتنياهو وأنصاره على إقرار تشريع لتنقيح عملية الانتخاب ضئيلة للغاية. صحيح أن إجراء انتخابات مباشرة لاختيار رئيس وزراء ليست فكرة جديدة. فقد جُربت هذه الطريقة لفترة وجيزة في تسعينيات القرن الماضي، ونتنياهو نفسه اُنتخب أول مرة بهذه الطريقة عام 1996. لكن حتى في ذاك الوقت كانت مهمة تشكيل ائتلاف صعبة للغاية. وإذا حدث هذا الآن مع تزايد الاستقطاب، فستكون العملية أصعب، بحسب رأي البعض.
المقترح الثاني: لا نتنياهو ولا جانتس، بل شخص آخر. فقد أعلن، يوم السبت الماضي، مشرع من حزب «العمل» أنه في الأيام المتبقية قبل حل البرلمان، والموعد الذي جاء يوم 11 ديسمبر، يعتزم جمع توقيعات من 61 عضواً برلمانياً للتوصية بأن يحاول «يولي إدلشتين»، رئيس «الكنسيت»، تشكيل الحكومة التالية. ونقلت تقارير صحفية إسرائيلية عن عضو الكنيست «عومير بارليف» قوله: «يحدوني أمل بالفعل، وأعتقد أنه إذا كلفه الرئيس بهذا فسيكون الخيار الصحيح».
ولماذا لن يجدي هذا المقترح؟ صحيح أن «أدلشتين» - وهو الرجل الثاني بعد نتنياهو في حزب «ليكود» - أصبح في الأسابيع القليلة الماضية شخصية محورية في التوسط بين الجانبين. لكنه أعلن صراحة أنه لن يضطلع بهذا الدور. وبعد تصريحات بارليف، أعلن «أدلشتين» في بيان أن «الطريق الوحيدة لمنع انتخابات غير ضرورية ومكلفة تمر عبر حكومة وحدة بالتناوب بين نتنياهو وجانتس». وإذا أوصت أغلبية أعضاء الكنيست بأن يحاول «أدلشتين» تشكيل الحكومة التالية، فمازال يتعين عليه أن يشكل هذه الحكومة بالفعل. ووفقاً للقانون، فلن يكون أمامه إلا 14 يوماً ليتوصل إلى صفقات ائتلاف معقدة، وربما قابلة للانفجار، بين فصائل متناحرة بالفعل.

المقترح الثالث: رئاسة للحكومة بالتناوب. وهذا كان المقترح الأصلي للرئيس «ريئوفين ريفلين» بعد انتخابات سبتمبر. واقترح الرئيس أن يستمر نتنياهو رئيساً للوزراء العام المقبل، ثم يسلم السلطة إلى «جانتس» لمدة عامين ثم - إذا تمت تبرئة نتنياهو من الاتهامات - يمكنه العودة إلى السلطة في العام الأخير. والأسبوع الماضي، أعلن نتنياهو أنه راغب في تقصير أمد الفترة الأولية ليسلم السلطة إلى جانتس في غضون خمس أو ستة شهور.

لماذا لن يجدي هذا نفعاً؟ لأن حزب «أزرق أبيض» مؤلف من ثلاثة أحزاب منفصلة وبه أربعة زعماء بارزين. وبينما يعلن الحزب موافقته من حيث المبدأ على هذا التناوب، لكنه لا يطمئن لوعود نتنياهو. وهذا بالإضافة إلى أن الوعد الانتخابي للحزب لم يكن التعاون مع رئيس وزراء يواجه اتهامات. والحزب يعتقد أنه الأكبر، ولذا يرى أن «جانتس» يجب أن يكون الأول في عملية المناوبة، ومن ثم امتنع الحزب عن قبول هذا المقترح.
المقترح الرابع: أن يغير «ليكود» زعيمه. يفتخر حزب «ليكود» الحاكم أنه حزب ديمقراطي مؤيد لزعيمه. ولا يمكن اختيار زعيم جديد إلا عبر انتخابات أولية داخلية مباشرة. وكانت المرة الأخيرة التي أجري فيها تصويت من هذا النوع عام 2014، وفاز فيها نتنياهو بنسبة 75% من الأصوات. وأعلن «جيدون سار» الوزير السابق وعضو البرلمان، أنه يعتزم أن ينافس نتنياهو إذا قررت اللجنة المركزية إجراء انتخابات.
فما سبب عدم جدوى هذا المقترح؟ أول مرة دعا فيها سار إلى انتخابات أولية كانت قبل أسبوعين، قائلاً إن الطريقة الوحيدة التي تبقي الحزب في السلطة، هي أن يتولى أمر قيادة الحزب ويتفاوض من أجل تشكيل حكومة وحدة مع حزب «أزرق أبيض»، لكن نتنياهو وأنصاره ترددوا. وربما فات الأوان الآن على منع إجراء انتخابات ثالثة.
*مراسلة «واشنطن بوست» في القدس.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»