في نسختها الرابعة والعشرين، انتهت دورة الخليج العربي لكرة القدم بفوز المنتخب البحريني بالمركز الأول وبالبطولة، بعد أن خاض مباراة ماراثونية صعبة أمام شقيقه المنتخب السعودي. وبهذه النتيجة يكون منتخب مملكة البحرين الشقيقة لكرة القدم قد حقق إنجازاً تاريخياً لم يتسن له تحقيقه من قبل منذ أن قررت دول الخليج العربي تنظيم هذه الدورة فيما بين منتخباتها الأولى لكرة القدم.
ورغم أن المنتخب البحريني وصل إلى المباراة النهائية أربع مرات من قبل، إلا أنه لم يتمكن من إحراز المركز الأول سوى هذه المرة. ونحن في دولة الإمارات نبارك للشقيقة مملكة البحرين قيادة وشعباً هذا الفوز الرائع وهذا الإنجاز الذي طالما تطلعت إليه الجماهير البحرينية بطول صبر وأناة لكي يتحقق ويصبح حقيقة واقعة، فمن بين الدول المؤسسة للدورة التي أقيمت أول مرة على أرض البحرين، بقي الفريق البحريني هو الوحيد من بينها الذي لم يحرز اللقب، فمبروك للبحرين وشعبها هذا الإنجاز مع تمنياتنا الدائمة للبحرين وأهلها بالمزيد من الإنجازات على كافة الصعد والمجالات.
والحقيقة رغم أني من محبي هذه اللعبة الشعبية وممارسيها السابقين بشغف، إلا أنني ومنذ أن تركت الملاعب في سبعينيات القرن الماضي لم أشغل نفسي بالكتابة حول كرة القدم أو الحديث أو الجدل حولها، إلا مرة واحدة عندما وصل منتخب الإمارات الوطني إلى نهائيات كأس العالم في بداية تسعينيات القرن الماضي. وقد يتساءل القارئ إذاً، وهو محق في تساؤله لماذا يعود هذا المبتعد عن اللعبة وشؤونها منذ زمن سحيق لكي يكتب عن كرة القدم عندما فازت مملكة البحرين بلقب البطولة. ولكي أريح القراء وأوفر عليهم عناء طرح تساؤلاتهم حول تصدي كاتب في السياسة ومتخصص فيها للكتابة عن كرة القدم وفي هذه اللحظة التاريخية بالذات، وأقول لهم إنه إلى جانب رغبتي مشاركة شعب البحرين الشقيق في فرحته الأولى بالفوز ببطولة دورة الخليج، أنا أكتب هذا المقال بشكل مخصوص لكي أتقدم بتهنئة خاصة ومنفردة إلى الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، حفظه الله، وأطال في عمره وأبقاه سليماً معافى كنفحة طيب وملح لا غنى عنه لدورة الخليج العربي لكرة القدم، وأحد رموز الرياضة البحرينية.
بالنسبة للأجيال الجديدة من شبابنا في الخليج العربي، أود التذكير بأن الشيخ عيسى بن راشد أشهر من نار على عَلم في ساحات وملاعب كرة القدم الخليجية، وفي الدوائر والمحافل المحيطة بها والقريبة منها، حيث كان يصول ويجول فيها بأحاديثه الشيقة وقصصه الطريفة ونكاته العفوية النابعة بصدق ودون تصنع وبأشعاره وأغانيه الشعبية الخليجية الأصيلة التي تغنى بها العديد من مطربي ومطربات دول الخليج العربي، ورددتها الجماهير الخليجية في كل مكان، فمن قصصه مع المرحوم فهد الأحمد الصباح إلى طرائفه حول «ريوقه» المختفي، إلى غير ذلك من الحكايات والقصص الطريفة التي أتحفنا بها كخليجيين طوال النصف قرن التي مضت أو نيف.
نبارك للشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، بفوز منتخب البحرين الوطني ببطولة دورة الخليج الرابعة والعشرين، ونشاركه فرحته بها بشكل خاص. وبهذه المناسبة دعوني أعرج قليلاً إلى الحديث عن أهمية دورة الخليج بالنسبة لشعوب دول الخليج، لكي أقول بأن هذه الدورة ورغم مضي زمن طويل عليها منذ أن أقيمت لأول مرة، وحديث الكثيرين ممن قد تكون لديهم أجندات خاصة بهم ويتحدثون عن زخمها وبأنها لم تعد بذات الأهمية التي كانت عليها في السابق، وأقول لهم بأن دورة الخليج العربي لكرة القدم شأن مهم لدى شعوب دول الخليج لأنها فرصة لكي تجمعنا دائماً على الخير والمحبة والمودة، وليس مهم من الذي يفوز بها، إنما المهم هو أنها جعلتنا طوال الخمسين سنة الماضية الشعوب الخليجية المؤلفة قلوبها والمجتمعة على الخير. ختاماً أبارك للبحرين حكومة وشعباً، وأبارك للشيخ عيسى بن راشد، حفظه الله.
*كاتب إماراتي