تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة إلى ملف الغذاء باعتباره إحدى أبرز الأولويات التي تستوجب الاهتمام والدعم، انطلاقاً من أهميته في تحقيق نهضة مستدامة توفر للإنسان كل الضمانات اللازمة لحياة كريمة، وضرورة قصوى لحماية الموارد الطبيعية، من خلال التعامل بأساليب ابتكارية مع قسوة المناخ والظروف التي تحدّ من توافر محاصيل زراعية ذات جودة مناسبة ومتقدمة، عبر النهوض بالزراعة، وحماية المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يعتمدون كلياً على الزراعة لتأمين الغذاء والدخل.
وجاء اختتام فعاليات معرض «سيال الشرق الأوسط 2019»، الذي عقد برعاية وحضور سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، تحت شعار «إعادة صياغة الابتكار في قطاع الأغذية والمشروبات والضيافة»، يوم الأربعاء الماضي 11 ديسمبر، ليكون الحدث الأبرز في قطاع الأغذية والضيافة على مستوى المنطقة، حيث جاء المعرض للتعريف بالمنتج الغذائي الوطني والترويج له، وترسيخ البيئة المحلية والداعمة للصادرات المحلية، وتقديم الخدمات والاستشارات للمستثمرين بخصوص الحلول والوسائل التصديرية، وإتاحة الفرص أمام الشركات لعقد الصفقات، وبحث آليات التعاون مع مختلف جهات قطاع الأغذية والمشروبات.
إن اهتمام دولة الإمارات بقطاع الغذاء، وخاصة في كل ما يتعلق بأنشطة الصناعات الغذائية، يستند إلى مجموعة من المرتكزات التي تصب في تحقيق مستهدفات الأمن الغذائي، من خلال استخدام الآليات المبتكرة والمستدامة في تعزيز قوة القطاع، وهو ما تجلى باعتماد الدولة «الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي»، التي تؤكد في أحد محاورها تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مواجهة التحديات التي تؤثر في الأمن الغذائي عالمياً، والتداعيات التي يفرضها التغير المناخي، لتأتي من هذا المنطلق أهمية معرض «سيال الشرق الأوسط 2019» في دعم المزارعين والعاملين في إنتاج الغذاء والسلامة الغذائية، وفقاً لأفضل المعايير العالمية، حيث شهد المعرض هذا العام ارتفاع عدد الشركات العارضة بنسبة 5%، وازدياد مشاركة الأجنحة الوطنية إلى نحو 40%، وتنامي مشاركة المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية العاملة في قطاع الأغذية، وعقد صفقات تجارية ضخمة.
«الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي» التي أطلقتها حكومة دولة الإمارات في نوفمبر عام 2018، جاءت بهدف تطوير منظومة وطنية شاملة، من خلال تمكين إنتاج الغذاء المستدام، حيث تشتمل الاستراتيجية على 38 مبادرة رئيسية، قصيرة وطويلة المدى، بتوجهات استراتيجية تركز على: تسهيل تجارة الغذاء العالمية، وتنويع مصادر استيراد الغذاء، وتحديد خطط توريد بديلة، بما يضمن وصول الدولة إلى أن تكون الأفضل عالمياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي بحلول عام 2051، وضمن أفضل 10 دول بحلول عام 2021. كما أن اهتمام الدولة بتحقيق الأمن الغذائي، جعلها تعمل على تطوير إنتاج غذائي محلي يكرس استخدام التقنيات الذكية في الإنتاج، جعلها تقوم بتفعيل العديد من المبادرات التي تعزز من قدرات البحث والتطوير في مجال الغذاء، وتسهيل إجراءات ممارسة الأعمال ضمن قطاع الإنتاج الزراعي، ودعم نظم التمويل للنشاطات الزراعية والغذائية، ومواءمة الرسوم الزراعية المحلية مع مثيلاتها الدولية لتحسين الإنتاج المحلي، والحد من فقد وهدر الغذاء من خلال تطوير منظومة متكاملة لخفض نفايات الطعام ضمن سلاسل التوريد، وضمان سلامة الغذاء وتحسين نظم التغذية، وتعزيز إجراءات السلامة والوقاية في مجال نشاطات الأغذية التجارية، الأمر الذي يعبر عن فاعلية وكفاءة السياسات الحكومية التنموية التي تجسد رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الهادفة إلى تحويل دولة الإمارات إلى رائدة الأمن الغذائي المستقبلي.

عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية