احتفلت دول العالم المختلفة، أمس الخميس، باليوم العالمي للتطوع، الذي أقرته الأمم المتحدة في الخامس من ديسمبر من كل عام، للتركيز على مفهوم التطوع وجهوده ودوره في تعزيز قدرة المجتمعات المختلفة على مواجهة التحديات الطارئة والكوارث الطبيعية والضغوط المعيشية بمختلف أشكالها، وقد احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة بهذه المناسبة، في الوقت الذي أصبحت فيه الدولة طرفاً فاعلاً في جهود العمل التطوعي على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال إطلاق العديد من المبادرات التي تقدم خدمات مجتمعية في مختلف المجالات الإغاثية والصحية والتعليمية والبيئية والثقافية في مناطق مختلفة من العالم. وقبل أيام من اليوم العالمي للتطوع، اعتمد مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية لقانون العمل التطوعي، التي تهدف إلى تنظيم العمل التطوعي على مستوى الدولة والنهوض به وتعميمه في المجتمع، ليكون ثقافة تعزز التماسك الأسري والتلاحم المجتمعي والانتماء الوطني.
وفي الواقع، فإن التطوع يمثل قيمة أساسية في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها في الثاني من ديسمبر عام 1971، على يد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. وقد تبوأت الدولة مراكز متقدمة في مجال العمل الإنساني، وأرست قواعد ثابتة ومتينة لتعزيز مسيرتها في هذا المجال، وذلك على النحو الذي بات معه العمل التطوعي يمثل ركيزة أساسية في توجهات الدولة الإنسانية والحضارية، وتؤمن دولة الإمارات بأن العمل التطوعي واجب ديني ووطني والتزام أخلاقي تجاه الإنسانية في أي مكان وزمان، وتعتبر دولة الإمارات من الدول القلائل في العالم التي تنبهت إلى ضرورة سن قوانين تهدف إلى تشجيع ثقافة العمل التطوعي وتنظيمه واعتماد مرجعية موحدة له بعدما أقر المجلس الوطني الاتحادي في أبريل عام 2018 مشروع قانون اتحادي بشأن العمل التطوعي، الذي حدد الشروط الواجب توافرها في المتطوع الطبيعي، وشروط وضوابط تطوع الأشخاص الاعتباريين، كما حدد شروط وضوابط تطوع الأشخاص الزائرين للدولة.
ويجسد العمل التطوعي، الذي يحظى بأهمية مركزية لدى القيادة الرشيدة للدولة ممثلة بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أحد أبرز معالم التكافل والتلاحم المجتمعي الذي يتمتع به أبناء دولة الإمارات حتى قبل تأسيس الاتحاد، حيث كانت ثقافة التطوع سائدة بشدة خلال هذه المرحلة التاريخية، الأمر الذي أسفر عن تأسيس مجتمع قوي ومتماسك تسوده روح التكافل والإيثار ونجدة الملهوفين وإسعاد المحرومين، وهي قيم أساسية نابعة من ديننا الإسلامي الحنيف. وقد اكتسب العمل التطوعي بعد قيام الاتحاد اهتماماً رسمياً كبيراً على مستوى القيادة وعلى مختلف المستويات الحكومية والأهلية، وباتت ثقافة التطوع مكوناً أساسياً من الهوية الإماراتية.
وقد أسهمت المبادرات والمنصات المختلفة التي قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بإطلاقها في تجذير ثقافة التطوع وقيم العمل الخيري والإنساني في المجتمع، حيث تعتبر «هيئة الهلال الأحمر» الإماراتية واحدة من أبرز المؤسسات الوطنية في مجال جذب المتطوعين وإشراكهم في الأنشطة التي تدعم المجتمع على المستويات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية. وتقوم المنصة الوطنية للتطوع «متطوعين.. إمارات» التي تم تطويرها من قبل مؤسسة الإمارات بالتعاون مع وزارة تنمية المجتمع دوراً بارزاً في ترسيخ مفهوم المسؤولية المجتمعية وإيجاد منظومة متكاملة ومستدامة للعمل التطوعي في الدولة. كما يعد برنامج «تكاتف» من أهم المبادرات التي تهدف إلى تعزيز ثقافة العمل التطوعي في جميع أنحاء دولة الإمارات، ويساعد البرنامج على تعزيز قيم الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية والخدمة العامة والتمسك بالنزاهة والأخلاق والمشاركة المجتمعية.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية