تتخذ خطط بوريس جونسون من أجل الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي (بريكسيت) منحى حمائياً في الوقت الذي يسعى فيه إلى كسب أصوات المعاقل الصناعية السابقة لـ«حزب العمال» المعارض قبيل الانتخابات العامة هذا الشهر. ويوم الجمعة الماضي، أعلن رئيس الوزراء البريطاني أنه سيخفف قواعد مساعدة الحكومة ويقدم المزيد من الحماية للشركات أمام المستحوذين الأجانب ويشجع الهيئات الحكومية على شراء المنتجات البريطانية. والخطط محبطة على الأرجح لأنصار «حزب المحافظين» الذين يأملون أن يسمح لهم بريكسيت بأن يصيغوا اقتصاداً لوائحُه المنظمة أكثر تحرراً. وهذه الخطط قد تجعل من الصعب على جونسون التوقيع على اتفاق تجارة مع الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية 2020. ويضع التكتل الأوروبي قيوداً صارمة على المساعدات الحكومية لمنع المنافسة غير النزيهة وليس لديه ما يسوغ استثناء هذا مع بريطانيا.
ووصف ماتيو ليش، رئيس الأبحاث في معهد آدم سميث البحثي الذي يستهدف دعم التجارة الحرة والذي كان مقرباً بشدة من رئيسة الوزراء المحافظة مارجريت تاتشر، خطط جونسون بأنها «صيغة من حمائية ترامب». ورغم أن رسالة جونسون بشأن مساعدات الدولة وتفضيل الشركات البريطانية قد تثير حنق بعض الحلفاء لكنها قد تساعده على الفوز بالمقاعد التي يسيطر عليها «العمال» في شمال إنجلترا والأراضي الوسطى التي يحتاجها ليحظى بأغلبية برلمانية. وحتى استطلاعات الرأي توضح أنه في طريقه لتحقيق هذا، فكثير من هذه السباقات المحلية يبدو أن المنافسة فيها ستكون متقاربة.
ويتعين على جونسون -بعد أن تعهد من جديد بمغادرة الاتحاد الأوروبي بحلول نهاية يناير المقبل- التوصل إلى اتفاق مع أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة بحلول الوقت الذي تنتهي فيها الترتيبات الحالية بنهاية العام المقبل. لكن كلما تخلت بريطانيا عن معايير التكتل في العمل والبيئة ومساعدة الدولة.. أصبح من الصعب التوصل إلى اتفاق يعطي الشركات البريطانية إمكانية الدخول إلى السوق الأوروبية. ويرى المحافظون أن قواعد الاتحاد الأوروبي الحالية بشأن مساعدات الدولة كان لها تأثير سلبي، إذ يتعين على الحكومات أن تنتظر المفوضية الأوروبية كي توافق على أي إجراءات مما يمنع الإجراءات من أن «تساعد الشركات المعرّضة للخطر بسرعة وفعالية».
ووعد «المحافظون» بنظام جديد يضع مبادئ واضحة لتدخل الحكومة بناءً على حاجات بريطانيا، يكون فيه للوزراء «مزيد من حرية التصرف» بشأن القرارات التي سيكون بمقدورهم اتخاذها في غضون «أيام». وذكر الحزب أنه ستتم إقامة هيئة حكومية جديدة لإدارة النظام. وفي رد على أسئلة للصحفيين بعد كلمة ألقاها في لندن، أعلن رئيس الوزراء أن القواعد الجديدة ستتوافق «بالطبع» مع الاتحاد الأوروبي، مضيفاً أنه حتى في ظل القواعد الجديدة، فإنه ملتزم بالحفاظ على «مساواة ساحة الملعب»، وهو مطلب محوري للتكتل.
وأعلن جونسون قائلا: «إذا أثيرت أي قضية، سيكون هناك، كما تعلمون، كما في أي اتفاق كبير للتجارة الحرة، لجنة مشتركة للتحكيم بشأن ما إذا كان قد تم تقديم بعض الدعم أو الإعفاء غير العادلين. لكنها ستكون لجنة للمتساوين في السيادة». ويأتي الوعد بشأن عمليات الاستحواذ بعد موجة من عمليات الاستحواذ المثيرة للخلاف لشركات بريطانية، وهو توجه حفّزه جزئياً تراجعُ في سعر الجنيه الاسترليني بعد الاستفتاء على بريكسيت. وتنافس شركة هاواوي الصينية كي تكون جزءاً من شبكه الاتصالات المتنقلة لبريطانيا في المستقبل وهو أمر تعارضه الولايات المتحدة.
وحين سئل جونسون تحديداً عن الاستثمارات الصينية، أعلن أن بريطانيا يتعين أن تحقق «توازناً» بين «الاستمرار في الانفتاح على الاستثمار من الصين» وضمان ألا يحدث شيء «يكون ضد بنيتنا التحتية القومية المحورية وضد أمننا أو يؤدي إلى أي شيء يضعف قدرتنا على التعاون مع الشركاء الأمنيين». وفيما يتعلق بعمليات الاستحواذ الحكومية، تعهد حزب المحافظين بأن يتخلص من قواعد الاتحاد الأوروبي «عبثية التعقيد» في «اشتراطات تقديم العطاءات». ووعدت الأحزاب أيضاً بإجراءات «أبسط وأقل كلفة تتحرك نحو دعم الأنشطة الاقتصادية المحلية والبريطانية».
إدوارد إيفان
مدير تحرير بقسم الرأي في «بلومبيرج»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»