أشعر بالقلق من تركيز «الحزب الديمقراطي» على سياسة «الرعاية الصحية للجميع»، وهي سياسة تمثل أمراً غير مكتمل، بل حقل ألغام. وعندما يتعلق الأمر بإصلاح الرعاية الصحية، يحتاج «الديمقراطيون» إلى التفكير في ثلاثة قواعد أساسية: أولاها أنه بقدر ما يكره الأميركيون الوضع الراهن، فهم ليسوا متحمسين كثيراً للتغيير.. وثانيها أن السياسة ليست كل شيء، والتواصل السياسي مهم أيضاً.. وثالثتها أن النجاح يتوقف في النهاية على توحيد الحلفاء وإحداث انقسام بين الخصوم.
ويضمن برنامج «الرعاية الصحية للجميع» تخويف الغالبية العظمى من الأميركيين الذين لديهم تغطية صحية بالفعل، إذ سيتطلب زيادة ضريبية لا تحظى بشعبية بين الطبقة المتوسطة.
وربما الأسوأ من ذلك، أنه ليس بإمكاننا المحاولة ثم الفشل. ففقدان الرعاية الصحية سيجعل من الصعب علينا تحقيق تقدم في التعليم أو البيئة أو غيرهما. نحن بحاجة إلى رسم طريق مختلف، لذا دعونا نستخدم التاريخ والسياق كدليل.
والمحير أنه فيما يتمتع 90% من الأميركيين بتأمين صحي بالفعل، تركز مناظراتنا الرئاسية بشكل حصري على توسيع التغطية بدلا من احتواء التكاليف. هذا هو التحدي الذي يربك معظم الأسر ويضر بميزانياتها الشهرية. ولا ننسى أن قانون الرعاية بأسعار معقولة يعد لحظة نادرة حظيت فيها التغطية الشاملة بالتصويت في مجلسي النواب والشيوخ، وذلك لمرتين في أقل من عشر سنوات.
وربما تعتقد أن الرعاية الطبية للجميع هي الحل الوحيد. وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكن تمرير مشروع القانون هذا من خلال مجلس الشيوخ؟ تذكروا أنه في عام 2010، كان لدينا 58 عضواً «ديمقراطياً» في مجلس الشيوخ، ومع ذلك لم نستطع حتى التصويت على خيار عام. وحتى لو حصلنا على أفضل نتيجة في انتخابات العام القادم، فسيكون لدينا 51 صوتاً فقط.
علينا العمل على أجندة أكثر قبولا من الناحية السياسية، أجندة تستند إلى النجاحات التي حققناها بشكل متزايد من خلال توسيع نطاق التغطية لتشمل الفئات الضعيفة من السكان. وبداية، دعونا نتذكّر أن موازنة الرئيس ترامب دعت إلى إحداث أكبر تخفيض يمكن لرئيس أميركي القيام به في مجال الرعاية الطبية لكبار السن. وينبغي إبراز خطته بالنسبة «لاستقطاعات الرعاية الطبية للجميع» قبل أن نفسر ما سنفعله للسيطرة على التكاليف وتوسيع التغطية. وسعياً للبناء على نجاحاتنا السابقة، يجب أن نركز على الجزء الأسرع نمواً من المجتمع غير المؤمَّن عليه، أي الشريحة الغنية بالأصوات من المتقاعدين في وقت مبكر. وفيما يلي حل بسيط: توسيع التغطية من خلال السماح للأميركيين الذين بلغوا 55 عاماً وأكثر بالشراء في برنامج الرعاية الطبية لكبار السن قبل بلوغ الـ65. وسيُجبر «الجمهوريون» بعد ذلك إما على دعم التوسع أو استبعاد كتلة تصويت انتخابية حاسمة.
وأخيراً، يجب أن نفي بوعد الخيار العام الحقيقي عبر منح المواطنين العاديين إمكانية الوصول إلى نفس التأمين الذي يغطي الموظفين الفيدراليين. إن فتح هذه القوائم من شأنه أن يضطر الحزب الجمهوري لشرح سبب عدم السماح للناخبين بالوصول إلى نفس الخطط التي يشترونها لأشخاص آخرين في واشنطن.
وخلاصة القول هي أنه لا سبيل لتفعيل الرعاية الطبية للجميع في البيئة السياسية الحالية، والوعد بشيء لا يمكننا الوفاء به لن يؤدي إلى شيء سوى خفض نسبة المشاركة الديمقراطية في السنوات القادمة.
يجب أن يتركز نهجنا في الرعاية الصحية على الواقع السياسي، وليس على حلم مستحيل. دعونا نتبع أجندة لا تتحكم فقط في التكاليف وتوسيع التغطية، بل أيضاً تفتح الباب لمحاربة عدم المساواة، ولتحقيق العدالة الاجتماعية.
رام إيمانويل
عمدة شيكاغو السابق
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»