تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة إلى العنف المُمارَس على المرأة باعتباره جريمة لا يمكن التهاون معها ولا قبولها، وذلك انطلاقاً من الإيمان بأن للمرأة حقوقاً إنسانية لا يمكن المساس بها، فهي الشريكة والفاعلة في تكوين أسر مستقرة وآمنة، وهي العنصر الإنساني الذي يسهم في عملية البناء والتنمية، وهي ما يُعوّل عليها دائماً في تشكيل حاضر مزدهر ومستقبل مستدام للأجيال المقبلة، يتحقق فيه كل ما تنشده الدولة من تطور ونماء. والعنف ضد المرأة حاجز أمام التنمية والسلام والازدهار، لما له من تأثيرات خطيرة على صحتها النفسية والجسدية، وهو ما ينعكس سلباً على دورها الحيوي في المجتمع. وقد جاء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، الذي يصادف في الـ 25 من نوفمبر من كل عام، مناسبة لتأكيد ما قدمته دولة الإمارات من أجل حماية المرأة من أي تمييز أو عنف يُمارَس بحقها، حيث تم اعتماد مجموعة تشريعات واستراتيجيات تسهم في رفع الوعي حول النساء وحقوقهن وحمايتهن من أي انتهاك جسدي أو جنسي أو معنوي أو نفسي، لكونه مخالفاً لما نصّت عليه الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الدولية.
إن دولة الإمارات تحارب العنف المُمارَس ضد النساء انطلاقاً من رؤيتها العامة القائمة على نبذ العنف والتطرف والكراهية، وإعلاء شأن ثقافة وقيم التسامح والسلام والعيش بسلام، ولذا أكد قانون العقوبات الإماراتي تجريم العنف المُمارَس على الأشخاص، كما تم إلغاء المادة (53) بشأن تأديب الزوج لزوجته حتى لا يكون ذلك ذريعة لممارسة العنف، كما يعتبر القانون أن التحرش بكل أشكاله جريمة يعاقب عليها القانون، وفي حال حدوث اغتصاب فإنه في بعض الحالات يعاقب الجاني بالإعدام. كما يؤكد قانون الأحوال الشخصية العديد من الضمانات التي تحمي المرأة من التعرض للتمييز في الأحكام الخاصة بالخطبة والزواج والطلاق والتفريق والحضانة والنسب والوصية والأهلية.
وكفل دستور دولة الإمارات مسألة حماية وصون المرأة، وأقر مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في العديد من الحقوق، وأهمها التعليم والعمل والحصول على المساعدات والمزايا الاجتماعية والصحية وشغل الوظائف الحكومية التي يشغلها الرجل وغيرها. كما أن التطرق للقوانين التي تحمي المرأة من الانتهاكات وتعرضها لأي شكل من أشكال الإساءة في دولة الإمارات مسألة لا يمكن حصرها، لكن ما يجب تأكيده هنا، أن الدولة وقّعت العديد من الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المرأة من أي انتهاك، كالاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقيات أخرى بشأن عمل النساء ليلاً، وإلغاء العمل القسري والحد الأدنى لسنّ الاستخدام وغيرها، إضافة إلى توفير إطار مؤسسي داعم للمرأة ويحميها من الانتهاكات، فضلاً عن اعتماد برامج تسهّل على مستحقات الحماية الوصول إلى العدالة، كالخط الساخن لمراكز الإيواء ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة، ومراكز الدعم الاجتماعي التي أنشئت منذ عام 2005، والعديد من الإنجازات التي لا يمكن حصرها.
إن العمل على حماية وصون حقوق المرأة على اختلافها، كلها جاءت بفضل إقرار استراتيجيات وسياسات ومبادرات تؤكد هذه الاعتبارات، فقد كان لسمو الشيخة‎ فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة (أم الإمارات) دور بارز في التوجيه نحو اعتماد آليات توفر الحماية للمرأة من أي تمييز أو إساءة، وفق سياسة متكاملة تقدّم أكبر قدر ممكن للنساء من الحماية، حيث وجهت سموها بإطلاق مجموعة من الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية لتمكين المرأة وتعزيز دورها، كالاستراتيجية الوطنية للأمومة والطفولة 2017-2021، والخطة الاستراتيجية لتعزيز حقوق وتنمية الأطفال أصحاب الهمم 2017-2021، والاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات 2015-2021، وغيرها، عدا عن توجيه سموها لتمكين وحماية النساء في دول النزاعات، كدعم جهود التصدي لجرائم العنف الجنساني أثناء النزاعات المسلحة، وتعزيز المساواة بين الجنسين، ووضع المرأة في أولويات سياسة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.