أصبحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، رسمياً، «بطة عرجاء»، ففي 2020 أو 2021 سيحل محلها شخص آخر، الأرجح أنه سيكون من كتلتها المحافظة التي تظل الأقوى في استطلاعات الرأي. لكن مَن سيكون ذلك الشخص؟ في ديسمبر الماضي، كان هذا السؤال يبدو سهلاً، لكن السباق بدأ الآن من جديد. سباق سيتسارع هذا الأسبوع، بعد مرور 14 عاماً على تولي ميركل منصبها، عندما يجتمع مندوبو حزبها «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» في مؤتمرهم السنوي. أربعة مرشحين محتملين لخلافتها في رئاسة الحزب سيغتنمون فرصة وقوفهم على الخشبة في «لايبزغ» من أجل تجارب الأداء. وبعدئذ بأسبوعين سيقرر شركاء ميركل الأصغر، «الديمقراطيون الاجتماعيون»، ما إن كانوا سيغادرون الائتلاف الحاكم مبكراً، ما سيحدد توقيت الانتخابات الوطنية المقبلة.
مخطط ميركل الأصلي كان إعداد رئيسة حكومة إقليمية سابقة، هي أنغريت كرامب كارنباور، والتي بدت شبيهة بالمستشارة الحالية على نحو مطمئن، فكلتاهما متدينتان بهدوء وعمق، وكلتاهما وسطيتان غير مؤدلجتين، وكلتاهما تميلان لعدم التصعيد وتتحدثان بجمل معقدة لكنها مهدّئة ومريحة.
عملية الإعداد تم تسريعها العام الماضي، بعد أن أصابت حالة من الاضطراب الحزب. فتخلت ميركل عن زعامته، حتى تستطيع كارنباور توليها، وهو ما حدث بعد تنافس محتدم ترك ندوباً. لكن ما أحزن ميركل أن كارنباور سقطت بعدئذ في سلسلة أخطاء، معظمها تم تضخيمه. ثم فُتح منصب وزير الدفاع على نحو مفاجئ، فمنحته ميركل لكرامب كارنباور قبل أن ينقض على الفرصة أحد منافسيها. لكن على الساحة الدولية، بدت كارنباور مرشحة لمنصب يفوق مؤهلاتها بكثير. ومع ذلك، انكبت على مسؤولياتها الجديدة بهمة، وتطرقت بشجاعة لمواضيع كانت تُعد من التابوهات.
لكن رجلاً يعتقد أنه يستطيع الفوز.. إنه فريدريك ميرز. كان ميرز، «الديمقراطي المسيحي» ذي القامة الطويلة، في طريقه للفوز في التسعينيات إلى أن نحّته ميركل من منصب رفيع في 2002. ومنذئذ وهو يخطط للانتقام. فعل ذلك من خارج السياسة، إذ عمل في المالية لحساب عدة شركات. لكن في العام الماضي، عاد ميرز (64 عاماً) وتواطأ مع الجناح اليميني في «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» على تحدي ميركل وكارنباور على زعامة الحزب.
هناك مرشح محتمل آخر هو يانس سبان. وعلى غرار ميرز، اختار سبان لنفسه موقعاً كمنتقد محافظ لوسطية ميركل وكارنباور المترنحة. وهو مثلي وعمره 39 عاماً، ومناهض لمظاهر الظلم الاجتماعي.
ثم هناك أرمن لاشيت، ونقطة قوته أنه رئيس حكومة محلية في أكبر ولاية من حيث عدد السكان، ويستفاليا (شمال نهر الراين)، وزعيم أكبر فرع لـ«الاتحاد الديمقراطي المسيحي». استراتيجيته تكمن في أن تكون صريحاً ولطيفاً، وتنتظر إلى أن يقضي المتنافسون الآخرون على بعضهم بعضاً، ويرجوه الحزب كي يعقد الصلح!
والآن تعرفوا على ماركوس سودر، زعيم «الاتحاد الاجتماعي المسيحي»، وهو «الحزب الشقيق» لـ«الاتحاد الديمقراطي المسيحي»، ورئيس حكومة بافاريا. سياسياً، يُعد سودر (52 عاماً) وشعبوياً، لكنه لا يهين الأجانب لفظياً، ويحرص على البقاء قريباً من الناس العاديين. لكن ميول سودر الخضراء المفاجئة، ربما لها سبب آخر، فهو يعلم أنه لكي يصبح مستشاراً، سيضطر للتحالف مع «حزب الخضر»، الذي حقق نتائج جيدة في الانتخابات ليصبح أكبر حزب من يسار الوسط.
في مؤتمر «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» في لايبسيغ، سيكون سودر أحد المتحدثين، وهو يعلم أن عليه أن يُظهر قلقاً بشأن حالة الفوضى التي تعصف بحزبه الشقيق. إن سودر هو الرجل الذي ينبغي الانتباه إليه!
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»