لطالما كانت ولاية كاليفورنيا أنموذجاً للماضي والمستقبل في الولايات المتحدة، ومثلما وصفها المؤرخ الأميركي الراحل «كيفن ستار»: تتعامل كاليفورنيا مع تحديات العالم النامي في سياق العالم المتحضر.
وفي هذا السياق، تسلّط الصحافية «فرانسين كييفر» الضوء في تقريرها المنشور خلال الأسبوع الجاري، على «مبادرة 187»، التي تم تمريرها بأغلبية ساحقة في عام 1994، والتي سعت لحرمان المهاجرين الذين لا يحملون وثائق ثبوتية من الخدمات العامة.
وعلى رغم من أن المحاكم ألغت العمل بها لاحقاً، إلا أن المبادرة غرست بذور عصر جديد من الدفاع عن ذوي الأصول اللاتينية. فقد اعتُبرت المبادرة هجوماً عليهم وعلى الإنسانية، ولعب ذلك دوراً جوهرياً في إسقاط النخبة «الجمهورية» التي أيدتها. وبات «الجمهوريون» أقلية في حكومة الولاية.
وكان للخوف دور مهم في مبادرة 187، وفكرة سيطرة موجة المهاجرين على الدولة ظلت حاضرة في السياسة الأميركية، لكن تعليق المؤرخ «ستار» قبل سنوات مضت، أجبر السياسيين على النظر إلى الأمور من منظور آخر أيضاً.
وقد وضعت الهجرة غير الشرعية ضغوطاً على الخدمات الحكومية في كاليفورنيا «الولاية الذهبية»، وبالنسبة للأشخاص الذين نشأوا إبان عصر «حلم كاليفورنيا» أثناء خمسينيات القرن الماضي، استخدمت الولاية ثرواتها في بناء أفضل الطرق والجامعات ومشاريع المياه، واستغلت قوتها المالية في إنشاء ما بدا «مدينة فاضلة للطبقة المتوسطة».
واعتبر جزء كبير من الطبقة المتوسطة أن «مبادرة 187» كانت المحاولة الأخيرة لإنقاذ تلك الرؤية، لجعل كاليفورنيا «عظيمة مرة أخرى»، وكان هؤلاء من البيض، وكانت الهياكل المجتمعية تجعل من الصعب على غير البيض مشاركة ذلك الحلم. لكن الهجرة غير الشرعية كانت أيضاً أعظم بكثير مما هي عليه في الوقت الراهن. وأعادت تشكيل كاليفورنيا.
وقد برهن الربع قرن الماضي على بصيرة نافذة في الولاية، فقد أضحى ربع أعضاء المجلس التشريعي في كاليفورنيا من ذوي الأصول اللاتينية. ولا تزال أقوى المحركات الاقتصادية في أميركا، ولديها خامس أكبر اقتصاد في العالم. وغالبية «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» في الولاية يعتبرون الآن الهجرة «شيئاً إيجابياً». وفي الوقت الراهن، بينما يسود الانقسام بشأن الهجرة، ربما يبدو هذا الأنموذج مؤثراً أكثر من ذي قبل.
*كاتب أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»