حققت دولة الإمارات العربية المتحدة، فوزاً مستحقاً بعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، لتصبح هذه المرة الرابعة التي تفوز بها الدولة بعضوية أحد الأجهزة الرئيسية الثلاثة لمنظمة اليونيسكو، وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولي بالجهود التي تقوم بها في المجالات الثقافية والتربوية والعلمية، والسمعة الطيبة التي تتمتع بها على الصعيد العالمي، والتي نجحت في تأسيسها خلال عقود من العمل الجاد منذ تأسيس الاتحاد عام 1971.
ومما لا شك فيه أن وجود دولة الإمارات في المجلس التنفيذي لليونيسكو، سيدعم عمل المنظمة خلال المرحلة المقبلة، حيث إن الدولة تمتلك خريطة طريق واضحة وطموحة ستعمل على تحقيقها من خلال تعزيز قنوات التواصل مع الدول الأعضاء في المجلس، كما أكدت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، التي قالت إن دولة الإمارات لطالما آمنت حتى قبل انضمامها إلى عضوية منظمة اليونيسكو في مطلع سبعينيات القرن الماضي، بأن التعليم والثقافة والعلوم يمكن أن تصنع فرصاً جديدة للأجيال القادمة. وعلى مر السنين توسعت هذه الرؤية لتعبر الحدود وتصبح جهداً عالمياً ملموساً بنتائج مثمرة قادها الأب المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي دائماً كان يؤكد حاجة عالمنا إلى مزيد من التعاون على نطاق أوسع، حيث نتبادل الأفكار مع شركائنا، لتحقيق مبادرات جديدة ذات أهداف سامية.
وفي الواقع، فإن الجهود المتواصلة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة للنهوض بالوضع الثقافي في الدولة، تعكس رؤية طموحة لتطوير القوة الناعمة التي تمتلكها، وهي القوة التي باتت تحظى بأهمية كبيرة في العصر الحالي، وتعكس هذه الجهود نفسها في العديد من الأشكال، ومنها إقامة المتاحف، وعلى رأسها متحف اللوفر- أبوظبي، الذي يعد أبرز المعالم الثقافية في المنطقة، وليس في دولة الإمارات فقط، ومنها كذلك عقد مؤتمرات ثقافية كبرى مثل المؤتمر السنوي للمعرفة، الذي اختتم أعماله قبل أيام في دبي، فضلاً عن معارض الكتب الدولية، مثل معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب. ويؤكد هذا الاهتمام الكبير بتطوير الأوضاع الثقافية، أن الثقافة تحظى بأهمية مركزية لدى القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تريد مرتبة الصدارة عالمياً، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، وإنما على الصعد الأخرى كافة، ومنها الصعيد الثقافي.
والحاصل أن عضوية دولة الإمارات في المجلس التنفيذي لمنظمة اليونيسكو، ستصب في سبيل تقوية العلاقات القائمة بين الطرفين، حيث ترتبط الدولة بعلاقات تاريخية وثيقة مع اليونيسكو، وفي عام 2018، تم تصنيف دولة الإمارات في المرتبة الثامنة ضمن قائمة كبار المانحين لمنظمة اليونيسكو، وهي حالياً عضو في ست لجان تابعة لليونيسكو، بالإضافة إلى مبادراتها في مجال التعليم والثقافة والعلوم، ومن أبرزها إنشاء «صندوق حمدان بن راشد آل مكتوم لدعم اليونيسكو» في عام 2013 لدعم المبادرات والمشاريع التعليمية، وقد استفادت منه حتى اليوم أكثر من سبعين دولة حول العالم. وفي السياق نفسه، قدمت دولة الإمارات دعمها لمشروع اليونيسكو «إحياء روح الموصل» بمساهمة وقدرها 50.4 مليون دولار أميركي على 5 سنوات، ويعد هذا المشروع حالياً من أضخم مشاريع استعادة التراث الإنساني في المنطقة، ويتضمن عملية إعادة بناء مسجد النوري ومئذنة الحدباء، وكنيسة الساعة، وكنيسة الطاهرة، وفي مجال التعليم، تقدم دولة الإمارات الدعم والتمويل لـ 120 مدرسة تابعة لشبكة مدارس اليونيسكو، وذلك من بين العديد من المشاريع المحلية والإقليمية والعالمية الأخرى التي تقودها الدولة تحت مظلة منظمة اليونيسكو لبناء جسور التواصل مع الحضارات والثقافات وحفظ وصون التراث العالمي.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.