وصل وزير الدفاع الأميركي «مارك إسبر» إلى كوريا الجنوبية يوم الخميس وسط ضغوط تتعلق بأحد أهم التحالفات العسكرية للولايات المتحدة، بما في ذلك طلب من الرئيس دونالد ترامب بدفع مبالغ أكثر بخمسة أضعاف لاستضافة القوات الأميركية.
وتبدأ مهمة إسبر عالية المخاطر –وهي المحطة الأولى في رحلة تستغرق ثمانية أيام إلى آسيا– بوصوله إلى سيول. ويمكن أن تحدد نتائج هذه الرحلة مدى قدرة إدارة ترامب على إبقاء الحليفين، اليابان وكوريا الجنوبية، معاً فيما يواجهان تهديدات كوريا الشمالية، وما إذا كانت الدول الأخرى التي تستضيف قوات أميركية ستواجه ضغط ترامب بدفع المزيد لمواصلة القيام بذلك.
ويواجه رئيس البنتاجون كذلك موعداً نهائياً في 23 نوفمبر الجاري لانتهاء صلاحية الاتفاق الاستخباراتي بين كوريا الجنوبية واليابان، والذي تم التوصل إليه قبل ثلاث سنوات والذي يُنظر إليه باعتباره تقدماً كبيراً في جعل الخصوم الدائمين يتعاونون بشكل مستقل عن الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، منحت كوريا الشمالية ترامب مهلة حتى نهاية العام لتخفيف عرضه بالنسبة لنزع سلاح بيونج يانج أو المخاطرة بتصعيد المخاطر الأمنية في شبه الجزيرة الكورية إلى مستويات جديدة.
وقد حاولت حكومة الرئيس الكوري الجنوبي «مون جاي-إن» التقليل من شأن أي خلافات مع ترامب، الذي يتحكم إلى حد كبير في سياسة «مون» الرامية إلى التقارب مع كوريا الشمالية. وأكدت سيول مجدداً على خططها لإنهاء تبادل المعلومات الاستخباراتية، وهي خطوة تقول الولايات المتحدة إنها قد تلحق الضرر بها وكذلك بكوريا الجنوبية نفسها، وباليابان كذلك.
وقال «دويون كيم»، المستشار البارز حول قضايا شمال شرق آسيا والسياسة النووية في مجموعة الأزمات الدولية: «إذا قال مون (لا) للقضايا التي تتعلق بتقاسم التكاليف ومعاهدة الاستخبارات، وإذا لم يتم التوصل لحل وسط، فلن ينهار التحالف فحسب، بل يمكن أن تتعرض شبه الجزيرة الكورية لعواقب أمنية خطيرة».
وقال الجنرال «مارك ميلي»، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة للصحفيين وهو في طريقه إلى آسيا: «من الواضح أن هناك مصلحة للصين وكوريا الشمالية في فصل كوريا الجنوبية عن اليابان». ومن المقرر أن ينضم ميلي لزميله إسبر الذي سيزور أيضاً تايلاند وفيتنام والفلبين، في سيول.
لكن مع اقتراب الانتخابات العامة في كوريا الجنوبية، والمقررة في أبريل المقبل، يخاطر «مون» بإبعاد قاعدته التقدمية إذا اعتُبِر أنه يعطي الكثير لترامب، لاسيما بعد أن قالت كوريا الجنوبية في أكتوبر إنها ستتخلى عن امتيازات الدول النامية في منظمة التجارة الدولية بعد اتهامات من إدارة ترامب بأنها تستغل الوضع.
وهذا الأسبوع، قال مسؤول بالبيت الأبيض، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «لا نعتقد أن الإنهاء سيضعف التحالف مع الولايات المتحدة». وكانت حكومة «مون» قد ألقت بالمسؤولية على اليابان، كونها السبب في اتخاذ هذه الخطوة، وقالت إنها لن ترضخ ما لم تتراجع حكومة رئيس الوزراء «شينزو آبي» عن القيود التي فرضتها على الصادرات الكورية الجنوبية منذ بضعة أشهر مع تدهور العلاقات بين الجارتين الآسيويتين.
وعندما يتعلق الأمر بتمويل القوات، فقد تجد اليابان نفسها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بما يحدث في كوريا الجنوبية. ويصل إسبر إلى سيول مع مطالبة ترامب لكوريا الجنوبية بأن تدفع خمسة مليار دولار مقابل امتياز استضافة القوات الأميركية، أي ما يزيد بنحو خمسة أضعاف عن المبلغ الحالي. وكانت التكلفة قد حددها البيت الأبيض في البداية، وفقاً لأشخاص على دراية بالأمر، ويبرر مسؤولو الإدارة هذه الزيادة بالقول إنها تعكس التكاليف التي ستتحملها كوريا الجنوبية إذا ما تولت أعمال المراقبة التشغيلية للقوات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في حالة نشوب نزاع.
وكانت اليابان والولايات المتحدة قد توصلتا في عام 2016 إلى اتفاق مدته خمس سنوات، حيث تتحمل طوكيو تكاليف الموظفين المحليين والمرافق ونقل التدريب. ومن المقرر أن تدفع اليابان 1.8 مليار دولار هذا العام، على الرغم من أن الولايات المتحدة لا تنشر تكاليف صيانة القواعد. ويقول بعض الخبراء إنه من المحتمل أن يكون احتفاظ الولايات المتحدة بقواتها في اليابان أقل تكلفة من إعادتها إلى الوطن.
كانجا كونج*
*صحفية متخصصة في الشؤون الكورية الجنوبية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»